المال الخليجي.. صمام أمان الاقتصادات العربية
مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية
النفط.. إنه وبحق سلاح ذو حدين بالنسبة للدول العربية؛ فكما كان نقمة على البعض منها وسببًا في أطماع الكثير من الدول بها، لكننا نقر بأنه أيضًا أساس التنمية الاقتصادية والاجتماعية السريعة عبر المنطقة، ولا يقتصر ذلك على الاقتصادات المنتجة للنفط فحسب، ولكنه يشمل الاقتصادات المفتقرة للموارد الطبيعية أيضا، من خلال ما تقدمه دول مجلس التعاون الخليجي ــ أكبر قوة نفطية في العالم ــ من مساعدات مالية واستثمارات للدول العربية الفقيرة التي تعاني نقص الموارد، حيث أضحى تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية هو الطابع الغالب لكثير من هذه الدول، التي تعاني أيضًا أعمال العنف والإرهاب والحركات التمردية، كما هي الحال في السودان واليمن والعراق والصومال وغيرها.
فقد قامت دول مجلس التعاون بتقديم مليارات الدولارات من أجل إعادة إعمار تلك الدول، بما يؤدي في نهاية المطاف إلى التخفيف من تفاقم الأزمة الإنسانية فيها، وأيضًا قامت بإنشاء صناديق التنمية، ففي إطار دعمها للقضية الفلسطينية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، قدمت الكويت 34 مليون دولار للمساعدة في المهام الإغاثية للشعب الفلسطيني، وذلك بالتوازي مع قيام "الهلال الأحمر الكويتي" بتقديم مساعدات متنوعة لسكان غزة بعد العدوان الإسرائيلي عليهم في نهاية 2008 بما قيمته 857,7 ألف دينار كويتي، بالإضافة إلى قيام سفير الكويت لدى الأردن بتسليم وكالة غوث اللاجئين 14 شاحنة محملة بنحو 300 طن من المساعدات.
كما قدمت الإمارات للسلطة الوطنية الفلسطينية نحو 310 ملايين دولار لدعم موازنة السلطة منذ مؤتمر باريس للمانحين الذي عقد في يناير عام 2007، وهو ما فاق الالتزام الذي أعلنته خلال المؤتمر البالغة قيمته 300 مليون دولار، حيث استخدم المبلغ الإضافي لأغراض أخرى كتمويل المشاريع التنموية والمساعدات الإغاثية، فيما قدمت الصناديق الخليجية لليمن معونات تجاوزت ملياري دولار خلال العقدين الماضيين.
ومع إدراك دول التعاون أن أسلوب تقديم المساعدات لتحقيق التنمية في الدول العربية قد شهد تحولا جوهريا، حيث لم يعد يعتمد على مبالغ مالية تقدم للدول تنفق من دون أي جدوى، وإنما أصبحت التنمية الاقتصادية عملية تتجسد في زيادة معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي، من خلال زيادة القدرات البشرية والتقنية، والعمل على تخفيض معدلات الفقر، وتوفير فرص عمل، فقد رأت أن الدعم المالي أصبح بمثابة المسكن الذي لا يشفي الصداع الأمني في الدول العربية، ولم يعد قادرًا على تحقيق الأهداف الإنمائية المرجوة، ولاسيما أن اليمن على سبيل المثال يحتاج إلى الاستثمارات الخليجية على وجه الخصوص، وكذلك الحال مع السودان الذي يعد سلة غذاء افتراضية تستطيع حل مشاكل المنطقة وأكثر، أما الصومال فتقول كل المؤشرات إن حربه ليست مع "الإرهاب"، وإنما مع القاعدة الاقتصادية التي تُثبّت بها الدولة وجودها وتكسب بها احترام شعبها قبل تعاطفه وتضامنه معها.. وعليه رفعت دول الخليج شعار "العلاج للأزمات الاقتصادية هو الإقدام نحو الاستثمار أكثر فأكثر"، وأن إنقاذ الدول التي تعاني اضطرابات سياسية يتم استثمار إمكاناتها البشرية والطبيعية الكبيرة بما يعود بالنفع على الجميع، ولاسيما في ظل تلازم مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتغلب على ارتفاع معدلات البطالة وارتفاع مستوى الفقر مع مسار التنمية السياسية، لذا عملت على دفع الدول العربية المضطربة نحو زيادة آفاق التعاون وتوسيع قاعدة الاستثمار وإنشاء شراكات صناعية وإنتاجية وتأسيس مشاريع استثمارية في قطاعات الطاقة والنقل والسياحة والزراعة وتنمية الثروة الحيوانية والصناعات الغذائية، وذلك بهدف تشجيع رأس المال الجبان بطبيعته على الاستثمار في تلك المناطق وبث روح الحياة فيها من جديد.
وفي هذا السياق، أقامت العديد من الاستثمارات في السودان، وفي صدارتها إعلان دولة قطر إنشاء "بنك للتنمية" في دارفور برأس مال يبلغ ملياري دولار، إلى جانب مشاريع أخرى تقوم بها باقي الدول الخليجية في أجزاء السودان كافة، وبالأخص في الشرق، حيث استضافت الكويت المؤتمر الدولي الخاص بالاستثمار في مشاريع تنموية في "شرق السودان" بهدف دعوة جميع الدول والمستثمرين إلى دعم التنمية هناك، كما ساهمت الكويت خلال هذا المؤتمر بنصف مليار دولار لتنمية شرق السودان، وتضمن هذا المبلغ 50 مليون دولار كمنحة لتنفيذ المشاريع الاجتماعية والباقي منها لتمويل مشاريع البنية التحتية.. كما استضافت البحرين في مايو 2010 مؤتمرًا لتشجيع الاستثمارات العربية في جنوب السودان، خاصة أن تلك المنطقة واعدة بخيراتها ومواردها المتنوعة؛ حيث رأت أن السودان بإمكاناته وموارده قادر على مواجهة تحديات المرحلة بتضافر جهود أبنائه وتوافقهم ومن خلال دعم الأشقاء.
وتعد الإمارات أكبر الدول الخليجية والعربية استثمارًا في السودان بقيمة 3,1 مليارات دولار خلال السنوات الأخيرة مثلت نسبة 19% من حجم الاستثمارات الأجنبية هناك البالغ 7 مليارات دولار. وأيضا تمتلك السعودية العديد من المشروعات الاستثمارية في هذا البلد، من بينها مشروع الكابل البحري بين البلدين الذي أطلق عام 2003، وسيعمل هذا المشروع على ربط السودان ودول أخرى في إفريقيا بمنطقة الخليج بالإضافة إلى اليمن والأردن، وكذلك وقعت شركة "فرص للتنمية المحدودة" السعودية مع حكومة الخرطوم اتفاقا لمشروع سلة الغذاء الزراعي برأس مال بلغ مائتي مليون دولار في مساحة 300 ألف فدان؛ حيث يعد من أكبر المشاريع الزراعية بمنطقة شرق إفريقيا، كما أن مشروع الإسكان الاقتصادي بالسودان هو أحد أبرز مشاريع الشركة المنتشرة في إفريقيا.
فيما قام عدد من المستثمرين البحرينيين بمبادرات للاستثمار في القطاعين الزراعي والمالي والمصرفي بالسودان، وخاصة في ضوء ما تمثله البحرين من كفاءة وخبرة في هذا المجال، باعتبارها المركز المالي الرئيسي في منطقة الشرق الأوسط، وشمل ذلك إنشاء صندوق التمويل التجاري للمصارف، هذا بخلاف التعاون في مجال أسواق المال من خلال إدراج شركة السودان للاتصالات السلكية واللاسلكية بسوق البحرين للأوراق المالية للاستفادة من تميز البحرين بالاستقرار المالي والنقدي، وأيضًا هناك عدد من الاتفاقيات التي تم توقيعها مع سلطنة عمان وقطر مؤخرًا، واشتملت على اتفاق تعاون اقتصادي وتجاري واستثماري، واتفاق لمنع الازدواج الضريبي وإنشاء مجلس مشترك لرجال الأعمال.
وقد نفذت الكويت العديد من المشروعات الاستثمارية على أرض السودان مثل مشروع "سكر كنانة"، أحد أكبر المشروعات على مستوى العالم في مجال صناعة السكر، ومشروع "الواحة" بولاية الخرطوم، فيما ساهمت في دعم التنمية الاجتماعية من خلال الهيئة العامة للجنوب والخليج العربي التي امتد نشاطها ليشمل جنوب السودان؛ حيث قامت ببناء عدد من المدارس والمراكز الصحية بالإضافة إلى بناء 241 مسكنا شعبيا شاملة المستلزمات كافة.
من ناحية أخرى، أسهمت القروض الإنمائية التي قدمتها الصناديق الخليجية في تنفيذ مشاريع عدة في قطاعات البنى الأساسية في السودان، وأسهمت إلى حد ما في استغلال الثروات الزراعية والحيوانية ومصايد الأسماك؛ حيث قام "الصندوق الكويتي للتنمية" منذ تأسيسه عام 1961 حتى عام 2003 بتمويل 81 مشروعا إنمائيا في السودان من خلال قروض ميسرة بلغت قيمتها 873,601 مليون دينار كويتي (1253 مليون دولار). وفيما يتعلق بلبنان، فقد شكلت الاستثمارات الخليجية فيه دومًا الثقل في حجمها؛ إذ وصل حجم هذه الاستثمارات في عام 2005 إلى1,67 مليار دولار من أصل1,87 مليار دولار من الاستثمارات العربية، كما تعد حركة الاستثمارات الخليجية في لبنان جيدة ومرشحة للنمو، بواقع 20% حتى عام 2010، وتمثل الاستثمارات السعودية وحدها40% من حجم الاستثمارات العربية في لبنان، ومن الجهود الخليجية لإنعاش الاقتصاد اللبناني استضافة الكويت مؤتمر ومعرض "الخليج لإعادة إعمار لبنان" خلال الفترة من 23 إلى 25 نوفمبر 2010، وعليه ظهرت نية لدى عدد كبير من المستثمرين الخليجيين لإنشاء مشاريع جديدة في لبنان مثل مشروع "القرية الفينيقية" و"لا ريزيدانس" و"أسواق المزرعة" و"بوابة بيروت" و"لاند مارك" بالإضافة إلى مشاريع استثمارية أخرى.
وبالنظر للدور الخليجي في اليمن، الذي يعد استقراره سياسيا واقتصاديا في غاية الأهمية لمنطقة الخليج العربي والمنطقة المحيطة بها فقد مثل رعاية دول المجلس لـ "مؤتمر المانحين" الذي انعقد بلندن في نوفمبر 2010 نقطة تحول في العلاقة مع اليمن، ودليلاً على حرص دول المجلس على تطوير هذه العلاقة والوصول بها إلى مرحلة من التكامل؛ وهو ما تجسد في خطة التأهيل التي صدقت عليها قمة أبوظبي الخليجية بهدف تأهيل اقتصاده للاندماج في الاقتصاد الخليجي.
واللافت أن دول الخليج لم توجه اهتمامها إلى الدول السابقة فقط بحكم أنها تعاني اضطرابات اجتماعية وسياسية شديدة، وإنما حرصت على تعزيز علاقاتها الاقتصادية بالدول العربية كافة في إطار سياسة التكامل العربي وبناء سوق عربية موحدة؛ حيث أدركت أنه إذا كان على المنطقة أن تضمن حصول اليد العاملة على فرص عمل كافية وإمكانات لارتفاع الأجور على حد سواء، فلابد أن يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة ضعف معدله الحالي (3%) ولفترة مستدامة.
ولقد كانت مبادرة أمير الكويت "صباح الأحمد" في القمة العربية الاقتصادية الأولى التي عقدت بالكويت في عام 2009 بخصوص إنشاء صندوق لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة في العالم العربي، برأس مال يبلغ نحو 1,3 مليار دولار خير دليل على الرغبة الخليجية في رفع مستوى رفاهية المواطن العربي الطموح الساعي لإضافة لبنة في بناء وتنمية الوطن العربي الكبير؛ حيث ساهمت دول الخليج بالغالبية العظمى من رأس المال؛ إذ قدمت الكويت 500 مليون دولار وأيضًا السعودية 500 مليون دولار وعمان 20 مليونًا.
كما أخذت الاستثمارات الخارجية الخليجية تتجه بقوة إلى دول المغرب العربي، خاصة في المشروعات العقارية والسياحية الضخمة، ولم يقتصر التحرك الاستثماري بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول المغرب العربي على الشركات الحكومية فقط، ولكن لعب القطاع الخاص فيه دورًا كبيرًا، وفي هذا الإطار نجد أن الإمارات كانت الأكثر استثمارًا في دول المغرب العربي تليها السعودية، وقد أخذت حركة اتجاه استثمار الأموال الخليجية إلى المغرب العربي تنشط في السنوات الثلاث الأخيرة، مدفوعة بفرص الاستثمار والعائد الأعلى ومناخ الاستثمار الجيد في هذه الدول؛ حيث أصبحت قيمة الاستثمار تحتل أهمية خاصة في تحليل الاقتصاد المغربي، وإذا كانت التقديرات تشير إلى أن دول الخليج العربية في سبيلها إلى استثمار نحو 500 مليار دولار، فإن المغرب يسعى إلى جذب نحو 20 مليار دولار من هذه القيم.
ففي أغسطس 2006 وبحضور الملك "محمد السادس" تم توقيع اتفاقيتين رسميتين بين "بيت التمويل الخليجي"، البنك الاستثماري الإسلامي، وممثلي الحكومة المغربية لتطوير مشروع "بوابة المغرب" بقيمة إجمالية 1,4 مليار دولار، وبسبب اتساع فرص الاستثمار العقاري في المغرب، فقد تم الإعلان في شهر ديسمبر 2006 تأسيس صندوق خاص للاستثمار في السكن الاقتصادي الموجه لذوي الدخل المحدود باسم "ريال ماروك" بكلفة 50 مليون يورو، تشارك فيه عدة مؤسسات خليجية بارزة، كما يشارك في هذا المشروع مستثمرون من السعودية والبحرين والإمارات والكويت بنسبة مساهمة لكل شريك من 5 إلى 10%.. وكان شهر يوليو 2007، قد شهد توقيع مذكرة تفاهم بين بنك "فينشر كابيتال" و"الشركة الكويتية للعقارات التجارية" بإنشاء تحالف خليجي - مغربي يشارك في مختلف مجالات الاستثمار في المملكة المغربية، ويقوم الطرف المغربي بوضع أسس التعاون والمشاركة في الاستثمار في المشروعات المشتركة.
وكذلك أيضًا يعد مشروع "فيلا رويال" بمدينة "طنجة" المغربية الذي تبلغ قيمته مليار يورو، ومن المقرر أن يتم إنجازه خلال عام 2011 من أبرز الاستثمارات الخليجية في المغرب، كما دخل كل من "إعمار" و"دبي العالمية للأملاك" في استثمارات بقيمة 19 مليار دولار، وأيضًا يقوم "بيت التمويل الخليجي" بالبحرين بتطوير بوابة المغرب السياحية بقيمة 1,4 مليار دولار، ويشارك "ريال كابيتا" البحريني في مشروع مع "جيب" للأصول المغربية يستثمر 400 مليون دولار في الإسكان الاجتماعي.. وهكذا، فقد جاءت هذه التوجهات الاستثمارية الخليجية إلى المغرب لتغير الصورة التي كانت متسمة بالهيمنة الكاملة للاستثمارات الأوروبية، خاصة الفرنسية والأسبانية.
وإذا انتقلنا إلى تونس، فسنجد أنها أطلقت مشروع "بوابة المتوسط" في 11 سبتمبر 2008 على مساحة ألف هكتار على الضفاف الجنوبية لبحيرة تونس بكلفة 25 مليار دولار، بما يجعله يشكل أضخم استثمار عقاري، ويضم هذا المشروع أكبر برج في افريقيا، وتنفذه شركة "سما دبي" إحدى فروع دبي القابضة، ويوفر 350 ألف فرصة عمل، ويضيف 0,6% إلى معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي.. ومن قطاع العقارات والسياحة وقعت تونس والسعودية في 14 يناير 2009، اتفاقية لتطوير التعاون في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وفي الجزائر تتجه شركة "الفيصل القطرية" لبناء مراكز شاهقة لمجموعة فنادق "سوفيتيل" و400 شقة في بلدية "شراركة"، كما بدأت شركة "الفيصل" أعمالها في الجزائر منذ عام 1995؛ حيث قامت باستثمار نحو 60 مليون دولار أغلبها في الثلاث السنوات الأخيرة، وأيضًا تقوم مجموعة "البركة" و"مصرف السلام البحريني" بإنشاء مصرف إسلامي برأس مال مدفوع 100 مليون دولار، وتقوم شركة "أبوظبي لتغطية المبادلات" ببناء وملكية وتشغيل مشروعBOO" مع شركة كندية لإنشاء محطة طاقة غربي الجزائر، إضافة إلى قيام الشركة السعودية "AMIANTIT" لصناعة الأنابيب بمشروعات صناعية مشتركة هناك.
أما في موريتانيا، فقد أنجزت شركة "مجموعة الإمارات الاستثمارية" مذكرة تفاهم مع موريتانيا لإعداد مخطط شامل لمدينة "نواكشوط" حتى .2020
وإلى الشرق قليلاً، نجد أن العلاقات بين مصر والإمارات حققت طفرة خلال السنوات الخمس الماضية من حيث توزيع الشركات، وتنوع رأس المال؛ إذ شهدت مصر تأسيس 277 شركة إماراتية خلال تلك الفترة ليصل إجمالي عددها إلى492 شركة منذ بداية السبعينيات، لتصبح بذلك ضمن المراكز الثلاثة الأولى، من حيث الاستثمارات الأجنبية العربية في مصر مع كل من السعودية والكويت.
وأيضًا يعتبر السعوديون من أهم المستثمرين العرب في تونس؛ حيث يوظفون أكثر من 354 مليون دينار تونسي (300 مليون دولار)، كما يبلغ عدد المشاريع السعودية هناك 21 مشروعًا، وكذلك تحتل الاستثمارات السعودية في سوريا موقعًا متقدمًا بين الاستثمارات العربية؛ ففي مارس 2010 وقعت الرياض مع دمشق اتـفاق قـرض بـين الحـكومـة الـسورية و"الصندوق السعودي للتنمية" لتمويل مشروع توسيع محطة كهرباء الناصرية في ريف دمشـق، وقيمته 525 مليون ريال (140 مليون دولار)، ليمثل إضافة إلى مساهمات الصندوق في تمويل مشروعات تنموية مهمة في سوريا خلال العقود الماضية؛ فقد بلغ عدد القروض12 قرضًا، ووصلت قيمتها إلى نحو 1,4مليار ريال سعودي.
فيما بلغ حجم الاستثمارات السعودية في الأردن، المستفيدة من قانون تشجيع الاستثمار منذ إقرار القانون عام 1995، 1,4 مليار دينار أردني (1,97 مليار دولار)؛ حصل قطاع الصناعة على النصيب الأكبر منها؛ حيث حصد 1,09 مليار دينار، تلاه قطاع الفنادق (164 مليون دينار). كما يمثل الكويتيون ثاني أكبر شريحة للمستثمرين الأجانب في البورصة الأردنية وثاني أكبر ملاك للعقارات من غير الأردنيين في السنوات الماضية.
وهناك العديد من المشروعات الخليجية على مستوى الدول العربية كافة، التي تؤكد دومًا الدور الخليجي في الارتقاء بالوضع الاقتصادي للعالم العربي، بما يزيد من فرص التعاون المشترك بين الشركات وتوسيع السوق أمام منتجات هذه الدول، وتؤدي أيضًا إلى تأسيس نموذج عملي للسوق العربية المشتركة القائمة على تبادل المصالح بين جميع الأطراف، وتنشئ تكتلا اقتصاديا عربيا قويا وفعالا وقادرا على مواجهة التكتلات الاقتصادية الإقليمية الأخرى.
ومن زاوية أخرى، وبعيدًا عن تقديم الدعم وتوجيه الاستثمارات بشكل مباشر، كشف أحدث تقرير للمنظمة الدولية للهجرة بالتعاون مع منظمة العمل العربية حول "تنقل العمالة بين بلدان العالم العربي"، عن أن العمالة العربية في دول العالم المختلفة حولت 35,1 مليار دولار إلى بلدانهم الأصلية خلال عام 2009، وقد كان نصيب التحويلات من دول مجلس التعاون كبيرًا، حيث أوضح التقرير أن 5,8 ملايين مهاجر من أصل 13 مليون مهاجر في العالم يقيمون في المنطقة العربية، وأن ممر الهجرة بين المشرق والخليج العربي، لايزال من أهم الطرق، وأن اثنين من كل ثلاثة مهاجرين من المشرق واليمن يعملون في دول التعاون.
وأخيرًا، فإنه إذا كان هذا التوجه الخليجي نابعًا من حقيقة مفادها أن الأزمة في الدول العربية ليست سياسية ولا أمنية، بل هي أبعد من ذلك بكثير، فدعوات الانفصال الباحثة عن تكوين كانتونات قزمية صغيرة كما في السودان واليمن والعراق وكذلك ما حدث في تونس وما تشهده الجزائر تؤكد أن الأزمة هي أزمة تنمية، وفقر، وبطالة، وتعليم عاجز عن توفير خريجين يلبون احتياجات سوقي العمل المحلية والإقليمية، فإن دول مجلس التعاون الخليجي مطالبة أكثر من أي وقت مضى باستخدام المال الخليجي في استثمارات مجزية في الدول العربية الفقيرة بضمانات لهذه الدول لتساعدها على توفير فرص عمل وسكن وتعليم وخبز لأبنائها للقضاء على الاحتقانات لدى شعوبها التي أصبح عدم استقرارها خطرًا يهدد الجميع وبلا استثناء.
المصدر: أخبار الخليج
مركز الخليج للدراسات الاستراتيجية
النفط.. إنه وبحق سلاح ذو حدين بالنسبة للدول العربية؛ فكما كان نقمة على البعض منها وسببًا في أطماع الكثير من الدول بها، لكننا نقر بأنه أيضًا أساس التنمية الاقتصادية والاجتماعية السريعة عبر المنطقة، ولا يقتصر ذلك على الاقتصادات المنتجة للنفط فحسب، ولكنه يشمل الاقتصادات المفتقرة للموارد الطبيعية أيضا، من خلال ما تقدمه دول مجلس التعاون الخليجي ــ أكبر قوة نفطية في العالم ــ من مساعدات مالية واستثمارات للدول العربية الفقيرة التي تعاني نقص الموارد، حيث أضحى تدهور الأوضاع الاقتصادية والإنسانية هو الطابع الغالب لكثير من هذه الدول، التي تعاني أيضًا أعمال العنف والإرهاب والحركات التمردية، كما هي الحال في السودان واليمن والعراق والصومال وغيرها.
فقد قامت دول مجلس التعاون بتقديم مليارات الدولارات من أجل إعادة إعمار تلك الدول، بما يؤدي في نهاية المطاف إلى التخفيف من تفاقم الأزمة الإنسانية فيها، وأيضًا قامت بإنشاء صناديق التنمية، ففي إطار دعمها للقضية الفلسطينية، وعلى سبيل المثال لا الحصر، قدمت الكويت 34 مليون دولار للمساعدة في المهام الإغاثية للشعب الفلسطيني، وذلك بالتوازي مع قيام "الهلال الأحمر الكويتي" بتقديم مساعدات متنوعة لسكان غزة بعد العدوان الإسرائيلي عليهم في نهاية 2008 بما قيمته 857,7 ألف دينار كويتي، بالإضافة إلى قيام سفير الكويت لدى الأردن بتسليم وكالة غوث اللاجئين 14 شاحنة محملة بنحو 300 طن من المساعدات.
كما قدمت الإمارات للسلطة الوطنية الفلسطينية نحو 310 ملايين دولار لدعم موازنة السلطة منذ مؤتمر باريس للمانحين الذي عقد في يناير عام 2007، وهو ما فاق الالتزام الذي أعلنته خلال المؤتمر البالغة قيمته 300 مليون دولار، حيث استخدم المبلغ الإضافي لأغراض أخرى كتمويل المشاريع التنموية والمساعدات الإغاثية، فيما قدمت الصناديق الخليجية لليمن معونات تجاوزت ملياري دولار خلال العقدين الماضيين.
ومع إدراك دول التعاون أن أسلوب تقديم المساعدات لتحقيق التنمية في الدول العربية قد شهد تحولا جوهريا، حيث لم يعد يعتمد على مبالغ مالية تقدم للدول تنفق من دون أي جدوى، وإنما أصبحت التنمية الاقتصادية عملية تتجسد في زيادة معدلات النمو في الناتج المحلي الإجمالي، من خلال زيادة القدرات البشرية والتقنية، والعمل على تخفيض معدلات الفقر، وتوفير فرص عمل، فقد رأت أن الدعم المالي أصبح بمثابة المسكن الذي لا يشفي الصداع الأمني في الدول العربية، ولم يعد قادرًا على تحقيق الأهداف الإنمائية المرجوة، ولاسيما أن اليمن على سبيل المثال يحتاج إلى الاستثمارات الخليجية على وجه الخصوص، وكذلك الحال مع السودان الذي يعد سلة غذاء افتراضية تستطيع حل مشاكل المنطقة وأكثر، أما الصومال فتقول كل المؤشرات إن حربه ليست مع "الإرهاب"، وإنما مع القاعدة الاقتصادية التي تُثبّت بها الدولة وجودها وتكسب بها احترام شعبها قبل تعاطفه وتضامنه معها.. وعليه رفعت دول الخليج شعار "العلاج للأزمات الاقتصادية هو الإقدام نحو الاستثمار أكثر فأكثر"، وأن إنقاذ الدول التي تعاني اضطرابات سياسية يتم استثمار إمكاناتها البشرية والطبيعية الكبيرة بما يعود بالنفع على الجميع، ولاسيما في ظل تلازم مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتغلب على ارتفاع معدلات البطالة وارتفاع مستوى الفقر مع مسار التنمية السياسية، لذا عملت على دفع الدول العربية المضطربة نحو زيادة آفاق التعاون وتوسيع قاعدة الاستثمار وإنشاء شراكات صناعية وإنتاجية وتأسيس مشاريع استثمارية في قطاعات الطاقة والنقل والسياحة والزراعة وتنمية الثروة الحيوانية والصناعات الغذائية، وذلك بهدف تشجيع رأس المال الجبان بطبيعته على الاستثمار في تلك المناطق وبث روح الحياة فيها من جديد.
وفي هذا السياق، أقامت العديد من الاستثمارات في السودان، وفي صدارتها إعلان دولة قطر إنشاء "بنك للتنمية" في دارفور برأس مال يبلغ ملياري دولار، إلى جانب مشاريع أخرى تقوم بها باقي الدول الخليجية في أجزاء السودان كافة، وبالأخص في الشرق، حيث استضافت الكويت المؤتمر الدولي الخاص بالاستثمار في مشاريع تنموية في "شرق السودان" بهدف دعوة جميع الدول والمستثمرين إلى دعم التنمية هناك، كما ساهمت الكويت خلال هذا المؤتمر بنصف مليار دولار لتنمية شرق السودان، وتضمن هذا المبلغ 50 مليون دولار كمنحة لتنفيذ المشاريع الاجتماعية والباقي منها لتمويل مشاريع البنية التحتية.. كما استضافت البحرين في مايو 2010 مؤتمرًا لتشجيع الاستثمارات العربية في جنوب السودان، خاصة أن تلك المنطقة واعدة بخيراتها ومواردها المتنوعة؛ حيث رأت أن السودان بإمكاناته وموارده قادر على مواجهة تحديات المرحلة بتضافر جهود أبنائه وتوافقهم ومن خلال دعم الأشقاء.
وتعد الإمارات أكبر الدول الخليجية والعربية استثمارًا في السودان بقيمة 3,1 مليارات دولار خلال السنوات الأخيرة مثلت نسبة 19% من حجم الاستثمارات الأجنبية هناك البالغ 7 مليارات دولار. وأيضا تمتلك السعودية العديد من المشروعات الاستثمارية في هذا البلد، من بينها مشروع الكابل البحري بين البلدين الذي أطلق عام 2003، وسيعمل هذا المشروع على ربط السودان ودول أخرى في إفريقيا بمنطقة الخليج بالإضافة إلى اليمن والأردن، وكذلك وقعت شركة "فرص للتنمية المحدودة" السعودية مع حكومة الخرطوم اتفاقا لمشروع سلة الغذاء الزراعي برأس مال بلغ مائتي مليون دولار في مساحة 300 ألف فدان؛ حيث يعد من أكبر المشاريع الزراعية بمنطقة شرق إفريقيا، كما أن مشروع الإسكان الاقتصادي بالسودان هو أحد أبرز مشاريع الشركة المنتشرة في إفريقيا.
فيما قام عدد من المستثمرين البحرينيين بمبادرات للاستثمار في القطاعين الزراعي والمالي والمصرفي بالسودان، وخاصة في ضوء ما تمثله البحرين من كفاءة وخبرة في هذا المجال، باعتبارها المركز المالي الرئيسي في منطقة الشرق الأوسط، وشمل ذلك إنشاء صندوق التمويل التجاري للمصارف، هذا بخلاف التعاون في مجال أسواق المال من خلال إدراج شركة السودان للاتصالات السلكية واللاسلكية بسوق البحرين للأوراق المالية للاستفادة من تميز البحرين بالاستقرار المالي والنقدي، وأيضًا هناك عدد من الاتفاقيات التي تم توقيعها مع سلطنة عمان وقطر مؤخرًا، واشتملت على اتفاق تعاون اقتصادي وتجاري واستثماري، واتفاق لمنع الازدواج الضريبي وإنشاء مجلس مشترك لرجال الأعمال.
وقد نفذت الكويت العديد من المشروعات الاستثمارية على أرض السودان مثل مشروع "سكر كنانة"، أحد أكبر المشروعات على مستوى العالم في مجال صناعة السكر، ومشروع "الواحة" بولاية الخرطوم، فيما ساهمت في دعم التنمية الاجتماعية من خلال الهيئة العامة للجنوب والخليج العربي التي امتد نشاطها ليشمل جنوب السودان؛ حيث قامت ببناء عدد من المدارس والمراكز الصحية بالإضافة إلى بناء 241 مسكنا شعبيا شاملة المستلزمات كافة.
من ناحية أخرى، أسهمت القروض الإنمائية التي قدمتها الصناديق الخليجية في تنفيذ مشاريع عدة في قطاعات البنى الأساسية في السودان، وأسهمت إلى حد ما في استغلال الثروات الزراعية والحيوانية ومصايد الأسماك؛ حيث قام "الصندوق الكويتي للتنمية" منذ تأسيسه عام 1961 حتى عام 2003 بتمويل 81 مشروعا إنمائيا في السودان من خلال قروض ميسرة بلغت قيمتها 873,601 مليون دينار كويتي (1253 مليون دولار). وفيما يتعلق بلبنان، فقد شكلت الاستثمارات الخليجية فيه دومًا الثقل في حجمها؛ إذ وصل حجم هذه الاستثمارات في عام 2005 إلى1,67 مليار دولار من أصل1,87 مليار دولار من الاستثمارات العربية، كما تعد حركة الاستثمارات الخليجية في لبنان جيدة ومرشحة للنمو، بواقع 20% حتى عام 2010، وتمثل الاستثمارات السعودية وحدها40% من حجم الاستثمارات العربية في لبنان، ومن الجهود الخليجية لإنعاش الاقتصاد اللبناني استضافة الكويت مؤتمر ومعرض "الخليج لإعادة إعمار لبنان" خلال الفترة من 23 إلى 25 نوفمبر 2010، وعليه ظهرت نية لدى عدد كبير من المستثمرين الخليجيين لإنشاء مشاريع جديدة في لبنان مثل مشروع "القرية الفينيقية" و"لا ريزيدانس" و"أسواق المزرعة" و"بوابة بيروت" و"لاند مارك" بالإضافة إلى مشاريع استثمارية أخرى.
وبالنظر للدور الخليجي في اليمن، الذي يعد استقراره سياسيا واقتصاديا في غاية الأهمية لمنطقة الخليج العربي والمنطقة المحيطة بها فقد مثل رعاية دول المجلس لـ "مؤتمر المانحين" الذي انعقد بلندن في نوفمبر 2010 نقطة تحول في العلاقة مع اليمن، ودليلاً على حرص دول المجلس على تطوير هذه العلاقة والوصول بها إلى مرحلة من التكامل؛ وهو ما تجسد في خطة التأهيل التي صدقت عليها قمة أبوظبي الخليجية بهدف تأهيل اقتصاده للاندماج في الاقتصاد الخليجي.
واللافت أن دول الخليج لم توجه اهتمامها إلى الدول السابقة فقط بحكم أنها تعاني اضطرابات اجتماعية وسياسية شديدة، وإنما حرصت على تعزيز علاقاتها الاقتصادية بالدول العربية كافة في إطار سياسة التكامل العربي وبناء سوق عربية موحدة؛ حيث أدركت أنه إذا كان على المنطقة أن تضمن حصول اليد العاملة على فرص عمل كافية وإمكانات لارتفاع الأجور على حد سواء، فلابد أن يكون نمو الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة ضعف معدله الحالي (3%) ولفترة مستدامة.
ولقد كانت مبادرة أمير الكويت "صباح الأحمد" في القمة العربية الاقتصادية الأولى التي عقدت بالكويت في عام 2009 بخصوص إنشاء صندوق لتمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة في العالم العربي، برأس مال يبلغ نحو 1,3 مليار دولار خير دليل على الرغبة الخليجية في رفع مستوى رفاهية المواطن العربي الطموح الساعي لإضافة لبنة في بناء وتنمية الوطن العربي الكبير؛ حيث ساهمت دول الخليج بالغالبية العظمى من رأس المال؛ إذ قدمت الكويت 500 مليون دولار وأيضًا السعودية 500 مليون دولار وعمان 20 مليونًا.
كما أخذت الاستثمارات الخارجية الخليجية تتجه بقوة إلى دول المغرب العربي، خاصة في المشروعات العقارية والسياحية الضخمة، ولم يقتصر التحرك الاستثماري بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول المغرب العربي على الشركات الحكومية فقط، ولكن لعب القطاع الخاص فيه دورًا كبيرًا، وفي هذا الإطار نجد أن الإمارات كانت الأكثر استثمارًا في دول المغرب العربي تليها السعودية، وقد أخذت حركة اتجاه استثمار الأموال الخليجية إلى المغرب العربي تنشط في السنوات الثلاث الأخيرة، مدفوعة بفرص الاستثمار والعائد الأعلى ومناخ الاستثمار الجيد في هذه الدول؛ حيث أصبحت قيمة الاستثمار تحتل أهمية خاصة في تحليل الاقتصاد المغربي، وإذا كانت التقديرات تشير إلى أن دول الخليج العربية في سبيلها إلى استثمار نحو 500 مليار دولار، فإن المغرب يسعى إلى جذب نحو 20 مليار دولار من هذه القيم.
ففي أغسطس 2006 وبحضور الملك "محمد السادس" تم توقيع اتفاقيتين رسميتين بين "بيت التمويل الخليجي"، البنك الاستثماري الإسلامي، وممثلي الحكومة المغربية لتطوير مشروع "بوابة المغرب" بقيمة إجمالية 1,4 مليار دولار، وبسبب اتساع فرص الاستثمار العقاري في المغرب، فقد تم الإعلان في شهر ديسمبر 2006 تأسيس صندوق خاص للاستثمار في السكن الاقتصادي الموجه لذوي الدخل المحدود باسم "ريال ماروك" بكلفة 50 مليون يورو، تشارك فيه عدة مؤسسات خليجية بارزة، كما يشارك في هذا المشروع مستثمرون من السعودية والبحرين والإمارات والكويت بنسبة مساهمة لكل شريك من 5 إلى 10%.. وكان شهر يوليو 2007، قد شهد توقيع مذكرة تفاهم بين بنك "فينشر كابيتال" و"الشركة الكويتية للعقارات التجارية" بإنشاء تحالف خليجي - مغربي يشارك في مختلف مجالات الاستثمار في المملكة المغربية، ويقوم الطرف المغربي بوضع أسس التعاون والمشاركة في الاستثمار في المشروعات المشتركة.
وكذلك أيضًا يعد مشروع "فيلا رويال" بمدينة "طنجة" المغربية الذي تبلغ قيمته مليار يورو، ومن المقرر أن يتم إنجازه خلال عام 2011 من أبرز الاستثمارات الخليجية في المغرب، كما دخل كل من "إعمار" و"دبي العالمية للأملاك" في استثمارات بقيمة 19 مليار دولار، وأيضًا يقوم "بيت التمويل الخليجي" بالبحرين بتطوير بوابة المغرب السياحية بقيمة 1,4 مليار دولار، ويشارك "ريال كابيتا" البحريني في مشروع مع "جيب" للأصول المغربية يستثمر 400 مليون دولار في الإسكان الاجتماعي.. وهكذا، فقد جاءت هذه التوجهات الاستثمارية الخليجية إلى المغرب لتغير الصورة التي كانت متسمة بالهيمنة الكاملة للاستثمارات الأوروبية، خاصة الفرنسية والأسبانية.
وإذا انتقلنا إلى تونس، فسنجد أنها أطلقت مشروع "بوابة المتوسط" في 11 سبتمبر 2008 على مساحة ألف هكتار على الضفاف الجنوبية لبحيرة تونس بكلفة 25 مليار دولار، بما يجعله يشكل أضخم استثمار عقاري، ويضم هذا المشروع أكبر برج في افريقيا، وتنفذه شركة "سما دبي" إحدى فروع دبي القابضة، ويوفر 350 ألف فرصة عمل، ويضيف 0,6% إلى معدل النمو السنوي للناتج المحلي الإجمالي.. ومن قطاع العقارات والسياحة وقعت تونس والسعودية في 14 يناير 2009، اتفاقية لتطوير التعاون في الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وفي الجزائر تتجه شركة "الفيصل القطرية" لبناء مراكز شاهقة لمجموعة فنادق "سوفيتيل" و400 شقة في بلدية "شراركة"، كما بدأت شركة "الفيصل" أعمالها في الجزائر منذ عام 1995؛ حيث قامت باستثمار نحو 60 مليون دولار أغلبها في الثلاث السنوات الأخيرة، وأيضًا تقوم مجموعة "البركة" و"مصرف السلام البحريني" بإنشاء مصرف إسلامي برأس مال مدفوع 100 مليون دولار، وتقوم شركة "أبوظبي لتغطية المبادلات" ببناء وملكية وتشغيل مشروعBOO" مع شركة كندية لإنشاء محطة طاقة غربي الجزائر، إضافة إلى قيام الشركة السعودية "AMIANTIT" لصناعة الأنابيب بمشروعات صناعية مشتركة هناك.
أما في موريتانيا، فقد أنجزت شركة "مجموعة الإمارات الاستثمارية" مذكرة تفاهم مع موريتانيا لإعداد مخطط شامل لمدينة "نواكشوط" حتى .2020
وإلى الشرق قليلاً، نجد أن العلاقات بين مصر والإمارات حققت طفرة خلال السنوات الخمس الماضية من حيث توزيع الشركات، وتنوع رأس المال؛ إذ شهدت مصر تأسيس 277 شركة إماراتية خلال تلك الفترة ليصل إجمالي عددها إلى492 شركة منذ بداية السبعينيات، لتصبح بذلك ضمن المراكز الثلاثة الأولى، من حيث الاستثمارات الأجنبية العربية في مصر مع كل من السعودية والكويت.
وأيضًا يعتبر السعوديون من أهم المستثمرين العرب في تونس؛ حيث يوظفون أكثر من 354 مليون دينار تونسي (300 مليون دولار)، كما يبلغ عدد المشاريع السعودية هناك 21 مشروعًا، وكذلك تحتل الاستثمارات السعودية في سوريا موقعًا متقدمًا بين الاستثمارات العربية؛ ففي مارس 2010 وقعت الرياض مع دمشق اتـفاق قـرض بـين الحـكومـة الـسورية و"الصندوق السعودي للتنمية" لتمويل مشروع توسيع محطة كهرباء الناصرية في ريف دمشـق، وقيمته 525 مليون ريال (140 مليون دولار)، ليمثل إضافة إلى مساهمات الصندوق في تمويل مشروعات تنموية مهمة في سوريا خلال العقود الماضية؛ فقد بلغ عدد القروض12 قرضًا، ووصلت قيمتها إلى نحو 1,4مليار ريال سعودي.
فيما بلغ حجم الاستثمارات السعودية في الأردن، المستفيدة من قانون تشجيع الاستثمار منذ إقرار القانون عام 1995، 1,4 مليار دينار أردني (1,97 مليار دولار)؛ حصل قطاع الصناعة على النصيب الأكبر منها؛ حيث حصد 1,09 مليار دينار، تلاه قطاع الفنادق (164 مليون دينار). كما يمثل الكويتيون ثاني أكبر شريحة للمستثمرين الأجانب في البورصة الأردنية وثاني أكبر ملاك للعقارات من غير الأردنيين في السنوات الماضية.
وهناك العديد من المشروعات الخليجية على مستوى الدول العربية كافة، التي تؤكد دومًا الدور الخليجي في الارتقاء بالوضع الاقتصادي للعالم العربي، بما يزيد من فرص التعاون المشترك بين الشركات وتوسيع السوق أمام منتجات هذه الدول، وتؤدي أيضًا إلى تأسيس نموذج عملي للسوق العربية المشتركة القائمة على تبادل المصالح بين جميع الأطراف، وتنشئ تكتلا اقتصاديا عربيا قويا وفعالا وقادرا على مواجهة التكتلات الاقتصادية الإقليمية الأخرى.
ومن زاوية أخرى، وبعيدًا عن تقديم الدعم وتوجيه الاستثمارات بشكل مباشر، كشف أحدث تقرير للمنظمة الدولية للهجرة بالتعاون مع منظمة العمل العربية حول "تنقل العمالة بين بلدان العالم العربي"، عن أن العمالة العربية في دول العالم المختلفة حولت 35,1 مليار دولار إلى بلدانهم الأصلية خلال عام 2009، وقد كان نصيب التحويلات من دول مجلس التعاون كبيرًا، حيث أوضح التقرير أن 5,8 ملايين مهاجر من أصل 13 مليون مهاجر في العالم يقيمون في المنطقة العربية، وأن ممر الهجرة بين المشرق والخليج العربي، لايزال من أهم الطرق، وأن اثنين من كل ثلاثة مهاجرين من المشرق واليمن يعملون في دول التعاون.
وأخيرًا، فإنه إذا كان هذا التوجه الخليجي نابعًا من حقيقة مفادها أن الأزمة في الدول العربية ليست سياسية ولا أمنية، بل هي أبعد من ذلك بكثير، فدعوات الانفصال الباحثة عن تكوين كانتونات قزمية صغيرة كما في السودان واليمن والعراق وكذلك ما حدث في تونس وما تشهده الجزائر تؤكد أن الأزمة هي أزمة تنمية، وفقر، وبطالة، وتعليم عاجز عن توفير خريجين يلبون احتياجات سوقي العمل المحلية والإقليمية، فإن دول مجلس التعاون الخليجي مطالبة أكثر من أي وقت مضى باستخدام المال الخليجي في استثمارات مجزية في الدول العربية الفقيرة بضمانات لهذه الدول لتساعدها على توفير فرص عمل وسكن وتعليم وخبز لأبنائها للقضاء على الاحتقانات لدى شعوبها التي أصبح عدم استقرارها خطرًا يهدد الجميع وبلا استثناء.
المصدر: أخبار الخليج
الجمعة أبريل 28, 2023 12:51 pm من طرف ALASFOOR
» اقتراحات ونقاشات
الخميس أغسطس 06, 2015 12:58 am من طرف Ranin habra
» أسئلة امتحانات للسنوات 2012 وما بعد
الخميس يوليو 30, 2015 2:17 pm من طرف محمد أحمد الحاج قاسم
» أسئلة سنوات سابقة
الجمعة يوليو 03, 2015 6:20 pm من طرف مهاجرة سورية
» النظم السياسية
الأربعاء يونيو 24, 2015 5:33 pm من طرف مهاجرة سورية
» اسئلة الدورات
الأربعاء مايو 27, 2015 7:17 pm من طرف بلقيس
» السؤال عن برنامج الامتحانات لسنة 2015
الثلاثاء مايو 19, 2015 3:41 am من طرف Abu anas
» يتبع موضوع المسلمون بين تغيير المنكر وبين الصراع على السلطة
الإثنين مايو 04, 2015 5:01 pm من طرف حسن
» المسلمون بين تغيير المنكر والصراع على السلطة
الأحد مايو 03, 2015 1:42 pm من طرف حسن
» ما هو المطلوب و المقرر للغة العربية 2
الثلاثاء أبريل 21, 2015 7:47 am من طرف أم البراء
» طلب عاجل : مذكرة الاسلام والغرب ( نحن خارج سوريا)
السبت مارس 14, 2015 3:50 pm من طرف feras odah
» مساعدة بالمكتبة الاسلامية
الخميس فبراير 26, 2015 2:32 pm من طرف ام الحسن
» هنا تجدون أسئلة الدورات السابقة لمادة الجهاد الإسلامي
الجمعة فبراير 20, 2015 8:55 pm من طرف راما جديد
» للسنة الثالثه __اصول الفقه الأسلامي3 )) رقم 2
الخميس فبراير 12, 2015 1:16 am من طرف Amir Antap
» محركات مواقع البحث عن الكتب والرسائل الجامعية
الأحد فبراير 08, 2015 11:20 pm من طرف Amir Antap