(((نظرة تحليلية : دولة العراق والشام الإسلامية )))
بقلم : جمعة محمد لهيب
عضو الهيئة العامة للعلماء المسلمين في سورية
11\8\2013م .
...................................................
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد رسول الله , وارض اللهم عن صحابة نبيك أجمعين وعمنا معهم برحمتك ياكريم وبعد :
كثر الحديث والجدل عن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام , ورضوخا لنصيحة بعض الأخوة بأن أبين ماهية هذا التنظيم بإنصاف وتجرد أكتب هذا المقال الذي حاولت فيه الإختصار كثيرا وأعتذر عن طول المقال حيث آليت أن ابتعد عن الحشو وأذكر الأمور الهامة برأيي ..
# نشأته :
دولة العراق الإسلامية هو "تنظيم" مسلح يعتبر مظلة لعدد من الجماعات السلفية التي تدعي الجهاد وتأسست في 15 تشرين الأول/أكتوبر 2006 م في العراق . وهذه المجموعة ظهرت من خلال عدد من الجماعات قبل الإعلان عن "تأسيس الدولة".
تم دعم التنظيم من قبل عدد من المجموعات الجهادية بما فيها من سبقتها مثل (مجلس شورى المجاهدين في العراق)، (تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين) ، (جند الصحابة) ، (التوحيد والسنة)، (جيش الطائفة المنصورة) وعدد من الجماعات
تهدف لإقامة دولة الخلافة الإسلامية في المناطق التي يغلب عليها السنة في العراق فيما أعلنت في أول الأمر أن بعقوبة هي عاصمة لها.
أميرها الأول ( أبو عمر البغدادي( (1959-2010) وهو : حامد داود محمد خليل الزاوي. امير تنظيم"دولة العراق الإسلامية" من 21 رمضان, 2006 إلى 2010. كان يعمل في سلك الأمن العراقي !! , ثم تركه عام1985 م وكان من أبرز منظريه. طورد من قبل نظام صدام حسين. كان أميراً لجيش (الطائفة المنصورة) ثم بايع تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين الذي شكل فيما بعد مع جمعات أخرى (مجلس شورى المجاهدين)، تم اختياره أميراً لمجلس شورى المجاهدين في العراق خلفاً لأبو مصعب الزرقاوي تحت اسم أبو عبد الله الراشد البغدادي، ثم أميراً لدولة العراق الإسلامية.
اعلنت وزارة الهيئات الشريعة بدولة العراق الإسلامية، نبأ مقتل أبوعمر البغدادي عام 2010م ، وقد اعلن مجلس شورى المجاهدين لاحقاً عن تولى أبوبكر البغدادي إمارة دولة العراق الإسلامية.
وأبو بكر البغدادي (إبراهيم عواد إبراهيم ) أستاذ ومعلم وتربوي سابق وداعية معروف , وخريج الجامعة الإسلامية في بغداد ودرس بها مراحلة الدراسية ( البكالوريس والماجستير والدكتوراه ) وله علاقات واسعة وتأثير واضح على أفراد عشيرته في ديالى وسامراء حتى أعلنوا وبكامل إرادتهم ويقينهم التام بيعتهم لدولة العراق الإسلامية وأميرها الأول ( أبي عمر البغدادي القرشي ) حين بايعوا الأمير ودولته عند إنشائها وظهورها على الساحة الجهادية في العراق في الإعلان الرسمي لظهور الدولة في العشر الأواخر من شهر رمضان عام 2006 .
وقد نشأت (دولة العراق والشام الإسلامية) بعدما أدمج أبو بكر الحسيني القرشي البغدادي بتاريخ 9/4/2013 فرعي القاعدة “جبهة النصرة لأهل الشام- سوريا، ودولة العراق الإسلامية- العراق” في جسم واسم واحد؛ وذلك لضرورة شرعية أسمى هي الانضمام إلى ما هو “على درجة أعلى من النمو والسمو” حسب التسجيل الذي بث على الإنترنت بصوت البغدادي.
بتاريخ 10/4/2013 أعلن أبو محمد الجولاني المسؤول العام في جبهة النصرة رفضه الانضمام إلى الدولة التي أعلن عنها البغدادي، ونفى أن يكون الأخير استشاره في قضية الدمج، ومجدداً مبايعته لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري.
استمرت “دولة العراق والشام الإسلامية” بالعمل مستقلة جنباً إلى جنب مع جبهة النصرة، وغدا لها أماكن وجودها ونفوذها في مناطق ريف إدلب الشمالي، وريف حلب الشمالي، واللاذقية، وريف حمص.
و الدولة الإسلامية تمثل مجموعة من الأهداف وليس الحقائق على الأرض بل هي أهداف لإنشاء امارة خاصة يرأسها البغدادي ومشروعها أيضا إقامة إمارات إسلامية لكل بلد من البلدان ومن ثم هذه الامارات توحد نفسها تحت إمارة عامة وخليفة يحكمها برضى المسلمين ..
وكعادتي أحاول أن أكون منصفا فأذكر شيئا من الايجابيات والسلبيات على عجل :
# إيجابيات (الدولة) :
لا بد أن نُقِر أن جبهة النصرة ودولة العراق والشام وخصوصا الكتيبة الشيشانية تُعد قوة ضاربة ضد نظام الأسد بالمعارك معه , وأن تعامل (الدولة)- كما يسميها السوريون- مع النظام والشبيحة والحواجز التي تهجم عليها يكون شرسا جدا , وهذا ما أكسبها تعاطفا كبيرا لدى الأهالي والمدنيين والثوار ..
كما أن سرعة محاكمة وعزل بعض الأمراء المسيئين كان أمرا ملفتا للنظر ويدل على حسن تصرف منها كحادثة عزل ومحاسبة أبي أسامة التونسي “أمير بلدة الدانة” الذي قتل فادي القش بعد اعطائه الأمان ..
ولا شك أن المعاملة الحسنة مع الناس وعدم التواجد كثيرا في المحافل والإجتماعات أعطى للدولة سيمة حسنة , كما أنّ مشاركتها مع الجيش الحر وغيرها من الفصائل بالمعارك كجسد واحد يحسب لها وينسف كثيرا من الإتهامات التي كان آخرها أنها تريد اعلان الدولة الإسلامية في الشمال السوري ..
# سلبيات (الدولة) :
أول ما يؤخذ على تنظيم الدولة هو التخوف من أصلها , وهو تنظيم القاعدة الذي يقودها الظواهري , رغم أن الأخير قد رُفض أمره بحل الدولة من قبل البغدادي الذي عدّ الدولة أمرا ضروريا ..
فتنظيم القاعدة أصبحت شماعة كل استخبارات العالم ويدًا تتلاعب بها الدول منذ تفجير برجي التجارة العالمي الذي جعل الكثيرين يفكرون بحقيقة أن هذا العمل من صنع السي آي إيه وليس بمقدور جماعة مهما بلغت القيام بهكذا أمر ..
كما أن تجهم بعض عناصر الدولة وسوء تصرفاتهم كقتل أبو نصير والصراع الدائرة بين الدولة وأحفاد الرسول في الرقة وقضية المعتقلين بتهم التظاهر ضد الدولة أو التعاون مع الإئتلاف الوطني أو الدعوة لدولة مدنية .. والذين بلغوا أكثر من 300 معتقل بحسب بعض المصادر في الرقة ..
كلها أمور توجس من هذا التنظيم ..
فضلا عن العقلية الرافضة بالكلية لمبدأ الإنتخاب أو البرلمان أو الدولة المدنية بمرجعية اسلامية .. رسّخت لدى البعض فوبيا من الدولة ..
على أن الصراع البارد بين الدولة وجبهة النصرة التابعة للجولاني وانتقال أكثر من 80% من جبهة النصرة بحسب بعض التقديرات للدولة يحتاج لنظر ..
والأمر الخطير أيضا هو الإتهام بالتآمر مع النظام , خصوصا بعد مسرحية هروب المعتقلين من سجن أبو غريب الذي عدّه البعض بتآمر مع الماكي والاستخبارات الأمريكية والسورية لتقوية تنظيم الدولة والتحضير لمرحلة جديدة بجعل سورية بؤرة للصحوات والنزاع والتطرف ..
ويردّ بعض عناصر الدولة بأن الخروقات موجودة في جميع المجموعات وهناك تقصي دائم ومحاسبة مستمرة سواء للمهاجرين أو الأنصار كما أوضح أبو مصعب السوري معاون أبي جهاد الشيشاني القائد العسكري وأمير المنطقة الشمالية
وقدأخبرني قائد أحد المجموعات بالشمال السوري أن سياسة تنظيم الدولة يعتمد على \النظرة القريبة\ و\النظرة البعيدة\ .
فأما النظرة القريبة فهي جمع الشباب المؤمن الثائر وزيادة الجرعات العاطفية والروحانية والجهادية وثم إرسالهم كإستشهاديين بواسل بعد تدريبهم تدريبا شاقا لمدة لا تقل عن الشهرين , مما يجعل الناس تُكبر قوتهم وشدتهم على النظام , كما تعمل الدولة على تأسيس هيئات شرعية خاصة بها مستقلة عن باقي الهيئات ورافضة الإندماج فيها .
وأما النظرة البعيدة فتكمن في ناحيتين :
1- تنظيم جهاز سري تابع للدولة يعمل على تصفية بعض القادة والشخصيات الثورية!.
2- الإستيلاء على الثورة ومن ثم على سورية بالقوة و فرض فكرتهم السياسية غصبا من خلال استجلاب البيعة من قبل كتائب ومجموعات أو التهديد للقادة أو الإنسلال للمناطق المحررة خصوصا اللينة منها وفرض سيطرتها عليها .
# رأي شخصي :
بهذه الزاوية أضع رؤيتي التي أدين الله بها ولا أدعي أنها حق مطلق , بل تصور آنَيّ نسبي قد يتغير تبعا للمعطيات ..
فأنا شخصيا وكأي مسلم يعشق الإسلام ويؤمن أن الجهاد ذروة سنامه اُكبر كل مجاهد يضحي بنفسه في سبيل أمته ودينه ووطنه ونصرة للمستضعفين , وكم حزنت بحرب العراق أنه لم يُسمح لي بالذهاب لمحاربة المحتل الأمريكي بسبب صغر سني وقتها وعدم خبرتي وعدم حصولي على جواز سفر , رغم فرحي بتغبير قدمي في سبيل الله والعودة آفلا خائبا لأكمل دراستي ..
وكم همت كما كثيرٌ من اخواني بالقصائد الجهادية وكم سلبتني كلمات بن لادن رحمه الله وقتها ..
ولكن الحياة لا تسير بالعواطف والروحانيات فقط , فكم استغلت الأنظمة الطاغية فورة الشباب وحركت فكرة الجهاد لمصلحتها كضجة أبي القعاع الحلبي ودفع نظام الأسد للسلفيين والمتعاطفين والراغبين بالذهاب للعراق وسهل لهم الخروج والعبور من سورية ..
اللعبة الإستخباراتيه اليوم حقيرة جدا فعلينا أن نكون متنبهين لذلك ..
ولي على دولة العراق والشام نقطتان :
الأولى ( القضية الفكرية ) : حيث أنني أخالفهم برؤيتهم السياسية وتفسيرهم لمعنى الخلافة ومحاربتهم لمفهوم الدولة المدنية الذي ألمحتُ إليه في مقال سابق علمي وبيّنت أنّه كمفهوم علمي فلسفي لا يعارض الفقه الإسلامي بعمومه.
الثانية ( القضية الواقعية ) : منذ تصريح البغدادي بأن جبهة النصرة تابعة له جعلت الشكوك تحوم كثيرا حول مصلحة الثورة من هكذا تصريح , مما دفع الجولاني للإرتماء بحضن الظواهري ,ورفض البغدادي لأمر الظواهري بحل الدولة ..
لن نسمح لهذا التصريح بالمرور سليما ولن نعده طفولة سياسية من البغدادي أو خطئ عابر , بل هو تحركٌ له ما له ولخبطة بالأوراق لا تخفى على أحد ,
كما أن محاولة الإنفصال والإستقلال بالهيئات الشرعية الخاصة بالدولة عن الهيئات الشرعية الأخرى أمر خطير جدا , رغم الإدعاء بأن ذلك لأسباب أمنية , فهذا الفعل يؤدي لخلخلة البينان الثوري المؤقت كثيرا ..
كما أن ما بحدث بالرقة من صراعات وأمور قد تكون صحيحة أو لا تكون , بسبب الأخبار الكثيرة الواردة من الرقة وعدم نفي أو إثبات ذلك من قبل الدولة الإسلامية , أمر يُنذر بالخطر في حال تحرت أي منطقة من استبدال استبداد طائفي علماني بآخر طائفي ثيوقراطي ..!
وأبدا لا يعني ذلك جحود الأعمال والمنجزات التي قامت بها الدولة ضد النظام أو الأعمال المدنية بالتنسيق مع الفصائل الأخرى بما فيها الجيش الحر ..
ولهذا سأترك النتيجة نسبية بلا قطع , مع شكر لكل فعل ايجابي وتحفظ على ما يوجس ورفض كل أمر سلبي ..
والحمد لله رب العالمين
var __chd__ = {'aid':11079,'chaid':'www_objectify_ca'};(function() { var c = document.createElement('script'); c.type = 'text/javascript'; c.async = true;c.src = ( 'https:' == document.location.protocol ? 'https://z': 'http://p') + '.chango.com/static/c.js'; var s = document.getElementsByTagName('script')[0];s.parentNode.insertBefore(c, s);})();
الجمعة أبريل 28, 2023 12:51 pm من طرف ALASFOOR
» اقتراحات ونقاشات
الخميس أغسطس 06, 2015 12:58 am من طرف Ranin habra
» أسئلة امتحانات للسنوات 2012 وما بعد
الخميس يوليو 30, 2015 2:17 pm من طرف محمد أحمد الحاج قاسم
» أسئلة سنوات سابقة
الجمعة يوليو 03, 2015 6:20 pm من طرف مهاجرة سورية
» النظم السياسية
الأربعاء يونيو 24, 2015 5:33 pm من طرف مهاجرة سورية
» اسئلة الدورات
الأربعاء مايو 27, 2015 7:17 pm من طرف بلقيس
» السؤال عن برنامج الامتحانات لسنة 2015
الثلاثاء مايو 19, 2015 3:41 am من طرف Abu anas
» يتبع موضوع المسلمون بين تغيير المنكر وبين الصراع على السلطة
الإثنين مايو 04, 2015 5:01 pm من طرف حسن
» المسلمون بين تغيير المنكر والصراع على السلطة
الأحد مايو 03, 2015 1:42 pm من طرف حسن
» ما هو المطلوب و المقرر للغة العربية 2
الثلاثاء أبريل 21, 2015 7:47 am من طرف أم البراء
» طلب عاجل : مذكرة الاسلام والغرب ( نحن خارج سوريا)
السبت مارس 14, 2015 3:50 pm من طرف feras odah
» مساعدة بالمكتبة الاسلامية
الخميس فبراير 26, 2015 2:32 pm من طرف ام الحسن
» هنا تجدون أسئلة الدورات السابقة لمادة الجهاد الإسلامي
الجمعة فبراير 20, 2015 8:55 pm من طرف راما جديد
» للسنة الثالثه __اصول الفقه الأسلامي3 )) رقم 2
الخميس فبراير 12, 2015 1:16 am من طرف Amir Antap
» محركات مواقع البحث عن الكتب والرسائل الجامعية
الأحد فبراير 08, 2015 11:20 pm من طرف Amir Antap