من طرف جمعة محمد لهيب الجمعة نوفمبر 26, 2010 1:05 amأدعكم مع هذه المقالة التي تبين أثر المعلوماتية والإنترنت على الدول ...
مقالة تستحق القراءة
كتب أنس الأحمد :
حينما تكون المعلومة عنصر تهديد للمجتمعات الديمقراطية أيضا
بدأ مفهوم المقاومة والنضال الالكتروني يتشكل ويتمدد ــ مؤخراً ــ ليأخذ مفهوماً عملياً جديداً تتحوّل المجتمعات ــ بموجبه ــ إلى مجتمعات معلوماتية.. فبفضل الانترنت وشبكات الاعلام المجتمعي الحديث تحولت المعلومة إلى عنصر فعال ومؤثر بل أحيانا مهدد.. ذلك أن المعلومة أهم سلاح من أسلحة المقاومة الالكترونية ذلك أن نشرها بين المجتمع الغير معلوماتي ونشر الحقائق يأخذ بعدا آخر ليس في صالح المجتمعات التي تفضل الكتمان والسرية.. وهذه السرية هو من أسس استراتيجيات الدول الشمولية والمركزية حيث نشر المعلومة وتبادلها بين الناس يعد أمرا محرما من الناحية السياسية لأن تلك المعلومات تؤدي إلى إيقاظ وإلى وعي الناس بأهمية التحرك نحو المطالبة بالحقوق وبالمسائلة وتحويل المجتمع إلى مجتمع معلوماتي ومعرفي.. ومن أهم خصائص نشر المعلومات بين أفراد المجتمع هو الرقابة والمحاسبة.. وتتحول القرارت السياسية من مجرد رأي فردي إلى رأي جماعي نظرا للضغوطات الالكترونية المباشرة والغير مباشرة ونظرا لوجود خاصية التفاعل والتساؤل وكشف الحقائق.
وعلى الرغم من (ينبغي أن يكون في هذه الجملة "على الرغم من" استدراك :أين جواب هذا الاستدراك؟) أهمية المعلومة في التغيير الاجتماعي والسياسي للمجتمعات الغير ديمقراطية نظرا لأن المجتمعات الديمقراطية لديها إعلام حر يؤثرعلى القرار السياسي بينما في المجتمعات الغير ديمقراطية كحال دولنا العربية فإن شبكات الاعلام الحديث تقوم بعمل جوهري في عملية "البديل الديمقراطي" ذلك أن عنصر انتشار المعلومة وتوزيعها على نطاق اجتماعي واسع والبدء بمحاسبة المسؤول هي من أهم خصائص المجتمع الديمقراطي.. وبدلا من أن يقوم الشعب بتقييم الحكومة بوسائل الاعلام التقليدية يلجأ المجتمع الغير ديمقراطي لشبكات الاعلام الحديث لايصال صوته والمطالبة بالاصلاح وأحيانا الوقوف ضد القرارات التعسفية بما يحدث ردة فعل اجتماعية قد لا تتلائم واستراتيجيات الحكومات الشمولية التي من طبيعتها عدم الاكتراث للمطالبات الشعبية أو المشاركة السياسية.
ويعتبر هذا النوع من المقاومة الاشد فتكا والاكثر أثرا على الجانب السياسي والاجتماعي.. فعلى الجانب السياسي فإن من أهم خصائص المقاومة الالكترونية.. نبذ العنف.. والمطالبة بالعدالة والمحاسبة والشفافية. وعلى الجانب الاجتماعي.. فإن تشكيل هذا المفهوم يشجع على بناء "الاتحاد الجمعي" الذي يركز على العمل المؤسساتي ويدخل ضمن منظومة المجتمع الاهلي المدني الالكتروني.. وبالتالي تشكيل قوة ضغط للحكومة.. وهذا الضغط لا يعني المعارضة السياسية بأكثر مايعني تشكيل وعي ورأي شعبي حر ومستقل عن القرار الحكومي.. وبالتالي تحول المجتمع من مجتمع استبدادي قمعي يغلب عليه الفكر الاوحد إلى مجتمع ديمقراطي ــ ربما من دون أن يشعرــ حيث التعددية الفكرية والثقافية وكذلك السياسية والتي تساهم في تشكيل الرأي العام وتأسيس مبدأ المشاركة الاجتماعية والسياسية واتخاذ المواقف المناهضة للقرارات الحكومية.. ومن طبيعة هذه الخصائص أن تكون القوة الالكترونية عاملاً من عوامل الضغط السياسي وتشكيل يمكن أن يمثل مقاومة إلكترونية مناهضة.
لكن أهم مايميز المقاومة الالكترونية هو نبذها للعنف, استقلاليتها عن الحكومات وعن الانظمة الرسمية وشبه الرسمية.. وتصديها للقرارات الحكومية الارتجالية التي لاتخدم الصالح العام. والاهتمام بالعدالة والمساواة أمام القانون وإيجاد الشفافية للمجتمع. ومن أهم ركائز المقاومة الاكترونية اعتمادها على توجيه الرسائل والاصرار على الموقف طالما أن هذا الموقف أو المبدأ من الحقوق الانسانية. إن استراتيجية المقاومة الالكترونية هي أفضل حل للضغط الشعبي وللقوة السياسية معا واعتمادها على الحقيقة بغض النظر عن الاثار المترتبة على نشر هذه الحقائق.. وماحدث مع موقع ويكي ليكس خير مثال لذلك.. فالموقع لا ينبذ العنف بل يكشف عن حالات العنف هذه وعن عمليات القتل الوحشي وآليات وأساليب التعذيب التي استخدمت.
وتمثل المقاومة الالكترونية أحد عناصر شبكات الاعلام المجتمعي الحديث وعلى الرغم من أن شبكات الاعلام الحديثة أصبحت سلاحاً يهدد الحكومات الشمولية والأنظمة القمعية، إلا أن قوة الاعلام الحديث تحولت من أداة معلوماتية إلى سلاح تهديد ليس فقط للمجتمعات أو الدول وإنما للأفراد أيضاً.. بل الأكثر من ذلك أنها أصبحت سلاح تهديد للدول الديمقراطية نفسها !.. فهذا السلاح المعلوماتي الجديد في عصر ثورة الانترنت لم يعد سلاح تهديد للمجتمعات الغير ديمقراطية وإنما أيضا وصل هذا التهديد إلى المجتمعات الديمقراطية التي تتخذ من قضية الأمن القومي ذريعة للاحتكار المعلوماتي والفحص الرقابي للمعلومة بل أحيانا منع تناول المعلومات ونشرها نظرا لحساسيتها وقوتها في تشكيل الرأي العام ودورها في التوجيه السياسي.
ذلك أن المعلومة في عصر مجتمع الاعلام والشبكات الحديثة تخرج من غير استئذان أو رقابة. ونشر المعلومة لا يتم من خلال رقيب أو يمر عبر بوابة فحص قبل النشر.. وإنما بشكل مباشر منذ صناعة المعلومة إلى نشرها دون المرور بأي طريق ثالث أو تحويلها أو تحريف مسارها.. ذلك أن نشر المعلومات أصبحت مهمة يصعب التحكم فيها وبإمكان الجميع معرفة مايجري ومايحدث من دون قيود أو ترخيص.
وعلى الرغم من ثورة الاعلام الحديث والشبكات الاجتماعية التي تعطي الشعب خاصية التفاعل وتحويل الفرد إلى عضو في منظمة إجتماعية فاعلة، إلا أن الفكرة المؤثرة الأخرى وراء شبكات الاعلام الحديث هي تحولها إلى سلاح ضد القوة السياسية ومصدر معلومات للصحافة وللمجتمع وبالتالي فإن شبكات الاعلام الحديث غيرت وربما ساهمت في تغيير الوجه التقليدي للصحافة ودور الاعلام لأن هذه التقنية الحديثة هي عبارة عن عربة لنقل المعلومات حول العالم. في هذه المقالة لن أسهب في موضوع شبكات المجتمع الاعلامية الحديثة وإنما في كيفية تحول هذا الوسيط إلى عنصر شفاف للمعلومة للعامة وللمجتمع على حد سواء بعد أن كانت المعلومات محتكرة إلى جهة معينة أو مؤسسة تحولت الآن إلى الجميع وأصبح الكل لديه القدرة في معرفة الحقائق وهذا بالتحديد ماحدث مع موقع ويكي ليكس الشهير.
ويكي ليكس الذي لم يكمل عامه الرابع بعد, أثار موجة من الاهتمام لدى خبراء الصحافة حيث أن الموقع بتشكيلته الفريدة هذه وعمله المميز في نشر المعلومات "السرية" لم يغير من وجه الصحافة التقليدية أو حتى الحديثة فقط وإنما أيضا في تغيير فكرة الصحافة بشكل عام حيث في هذا الموقع يتحقق مفهوم الصحفي العالمي أوالمواطن الصحفي وكلها مصطلحات حديثة إرتبطت بعنصر المعلومة وبتوقيقها من الجانب الصحفي ومن ثم صياغتها ونشرها على المستوى الأفقي والعامودي. ويكي ليكس ليس له موقع محدد أو مركز معروف وإنما تجده في كل مكان.. أما الصحفيون فهم من كل أنحاء العالم ووظيفتهم البحث عن المعلومة ونشرها بين الناس.
وماحدث من نشر أكثر من 400 ألف وثيقة سرية أمريكية عن حرب العراق يعتبر الاكبر في تاريخ هذا الموقع الذي لم يتجاوز الاربع سنوات من عمره لأنه بنى على المصداقية والسمعة المهنية العالية. مايثير القوة في هذه التقارير هي فلسفة الارقام والاعداد التي وضعها الموقع.. فكل التقارير هي عبارة عن أرقام عددية لحالات تم رصدها واقعيا وبغض النظر عما ذكر في هذه التقارير والصور المخزية التي حملتها هذه الوثائق إلا أن نشر الموقع لهذه المستندات بالصورة العددية هي أكثر أثرا وتأثيرا في العملية الاعلامية.
وكما جاء في التقرير فإنّ مئات المدنيين العراقيين قتلوا على حواجز التفتيش التي أقامتها القوات الأميركية في أعقاب غزو العراق عام 2003. أكثر من 109 ألف مواطن عراقي قتلوا في الفترة بين 2004 و2009، بمن فيهم 66081 مدنيا، و23984 ممن يوصفون بالأعداء (المقاومة)، و15196 من أفراد قوات الأمن العراقية، و3771 من جنود التحالف.عدد القتلى في العراق منذ العام 2003 يفوق 150 ألفا، منهم 122 ألفا (80%) من المدنيين.
وعلى الرغم من نشر الموقع ــ في فترات سابقة ــ وثائق سرية أخرى عن حرب أفغانستان إلا أن الوثائق الجديدة هذه تعد الأكبر والأكثر من نوعها وتدل على وجود خرق أمني كبير في التاريخ العسكري للولايات المتحدة الأمريكية, وهذا ماجعل السياسيين يتخذون موقفاً موحداً من الموقع ويصرون على "التشكيك" في هذه المعلومات. وما يثير السخرية أن بعض السياسيين يتعامل مع هذه الشبكات الاجتماعية وكأنها عملية روتينية.. ومن ذلك ماقاله أحد السياسيين العراقيين بل وماقاله رئيس الوزراء المالكي نفسه أن ويكيليكس يفتقد المصداقية وأن مثل هذه البيانات بحاجة إلى التثبت ممايعني أن هؤلاء لم يطلعوا أصلا على الوثائق وإن أطلعوا عليها فإن هذه التصريحات تدل على عدم إدراك هؤلاء الساسة لهذه المعلومات وسلاحها القوي.. وزير الدفاع الأمريكي ذكر أن أصحاب الموقع "لديهم دماء في ايديهم" والسي اي ايه ذكر ان نشر هذه المعلومات يساهم في العنف وربما في القتل. وقبلهم قالت وزيرة الخارجية الامريكية أن هذا الموقع يساهم في تعرض الجنود للخطر, وتعرض الجنود للخطر موضوع ليس له علاقة بالتسريبات فمن ذهب إلى الحرب فهو متعرض إلى الخطر طالما أنه في الميدان, وبالتالي فالذي تناول الموضوع لاعلى اعتبار أنه حرية تعبير وإنما أن ذلك يهدد الامن القومي.. وقبل ذلك أو بعده فإن مثل هذه التصريحات تدل على جهل أو تجاهل لقوة الاعلام الحديث والشبكات الاجتماعية في تغيير بوصلة القوة.كذلك فقد وجهت الولايات المتحدة الحكومات الاوربية لتجريم المؤسس للموقع جوليان آسانغ لأنه ــ هو وموقعه ــ أداة لتهديد الامن القومي.
فالذي اثار الامتعاض أن هذه المعلومات أصبحت في متناول الجميع.. وأن أسرار الحرب لم تعد أسراراً كما مضى.. بل تحولت هذه المعلومات إلى سلاح وأداة ومصدر تهديد وإزعاج، حتى على مستوى الحكومات الديمقراطية.. فليس كل المعلومات للنشر كما في نظرية المسؤولية الاجتماعية والرقابة الذاتية.. لكن مع الاعلام الحديث.. فإن المسؤولية الاجتماعية هو في أن يتعرف المجتمع على ما يجري ومايحدث في العالم الخارجي.. لا أن يتم فرض الوصاية على المجتمع.. وبغض النظر عمن ساعد في نشر الوثائق سواءا كانت وكالة الاستخبارات العامة السي اي ايه أو وزارة الدفاع الأمريكية.. فإن المعلومات تعتبر بحد ذاتها سلاحاً وهذه المعلومات ساهمت في إيقاظ وعي الشعب الامريكي ــ قبل الشعوب الأخرى ــ حول حقيقة الحرب وماجرى فيها .
وعن فكرة هذه الوثائق فإنّ المتحدث الرسمي باسم الموقع جوليان أسانغ ذكر أن الصور التي تظهرها الوثائق للأحداث التي تقع يوميا في العراق تعطي فكرة عن الحجم الإنساني للمآسي التي تسببت بها حرب العراق. وأن معظم حالات القتل التي تكشف عنها الوثائق الأميركية السرية تتعلق بحوادث قتل فيها شخص واحد أو شخصان و أن هناك 15 ألف حادث قتل تعرض لها مدنيون لا تعرف هوياتهم حتى الآن. وأشار إلى أنّ ضحية الحرب الأولى هي الحقيقة وهذا هو الهدف الرئيسي من الموقع. كما أن الموقع يهدف إلى حماية الأبرياء وعلى حق الشعوب في التعرف على مايجري في الحروب وأن يفهم الناس أن الضحية من هذه الحروب غالبا الابرياء. وكما قال جوليان فإن ويكي ليكس خرج حينما لم يقم الاعلام التقليدي السائد بدوره الفاعل حتى في المجتمعات الديمقراطية بإخراج المواد الإعلاميّة التي حجبت بواسطة الساسة ولذلك فإن الموقع يتميز بهذه الخاصية فيقوم بتعويض هذا الفشل في الإعلام من خلال إخراج المواد السرية الحساسة التي يحتاجها الناس لكي تكون مجتمعاتهم تسودها المعلومات والمعرفة.
الموقع منذ أن أسس أثار زوبعة وكثير من الجدل على جميع المستويات السياسية والعسكرية والأمنية وأصبح الجميع مهدد من خلال نشر هذه المعلومة وهو من أشد مواقع الشبكات الاجتماعية أثرا وتأثيرا في العملية السياسية ذلك أن ويكي ليكس عبارة عن مؤسسة وليس فرد أو مجموعة أفراد فعلى حسب الموقع نفسه هناك أكثر من 23 ألف مستخدم للموقع يقومون بتحميل المواد الصحفية تزامنيا. هي منظمة تعمل على مقياس عالمي لديها أكثر من ألف ومائتين متطوع مابين مدقق للبيانات وموثق ومابين مبرمج وقانونيون ومستشارين. لكن هناك 30 موظف متفرغ للموقع و800 شخص يعملون مابين بشكل جزئي، وبالتالي هناك قرابة عشرة ألاف متطوع في الموقع. عدد البيانات والمعلومات الموجودة في الموقع وصلت قرابة المليون ومائتين ألف وثيقة من 13 دولة وبالتالي فإن مؤسسة ويكي ليكس ليست متعلقة بشخص حتى يتم اعتقاله كما في المدونات ولا بدولة محددة حتى يتم انزال العقوبات عليها وإنما مؤسسة أخطبوطية متفرعة في جميع أنحاء العالم من موظفين في البنتاغون "ربما" إلى صاحب محل كمبيوتر في بكين. كل هؤلاء المشاركين لم يتم التعرف عليهم أو القبض على أحد منهم نظرا للمهارة الاحترافية العالية في نشر المعلومة واتباع طريقة مهنية خاصة. يتلقون الدعم من خلال الجمهور ومن الصحفيين والناشطين في حقوق الإنسان, من جهة بلغ أقصىوعلى حد الموقع التبرعات ثلاثون ألف دولار, كما وأن معدل التبرعات هو من خمسين إلى مائتي دولار.
وقد ساهم الموقع في تغيير ثلاث حكومات الحكومة الكينية ورئيس وزراء تنزانيا واستقالة وزير الدفاع في الدنمارك وأثر أيضا على الانتخابات في الولايات المتحدة الأميركية من خلال تقرير عن سجن. وقام الموقع بفضح أو نشر انتهاكات خطيرة كانت في أكثر من مائة دولة. كما قام الموقع بفضح حالات فساد بما قيمته أكثر من خمسة مليارات دولار من الأموال التي كان يسودها الفساد (!!) لذلك من الممكن القول أن شبكات الاعلام المجتمعي الحديث تساهم في الوعي وفي تشكيل الرأي العام. وبالتالي فإن ويكي ليكس لا يهدف فقط إلى نشر الحقائق وإنما أيضا المشاركة في جمع المعلومات التي دائما ماتكون مخفية عن الناس ونشر ما يصعب نشره عن طريق الاعلام التقليدي كما وصف نفسه بأنه تسريب معلوماتي لاوجود للرقابة فيه. وعلى الرغم من ذلك فإنّ الموقع يتم اختراقه بين فترة وأخرى وقد تلقى الموقع ضغوطات من الولايات المتحدة وتم تجميد الحساب المالي للموقع.
نشر الموقع في أبريل الماضي فديو بعنوان " القتل المضمون" أوCollateral Murder وصل عدد مشاهدي الفديو أكثر من 7 ملايين و500 ألف شخص بنسخة ويكي ليكس هذا من غير حساب مشاهدة من قنوات أخرى في الموقع نفسه أو مواقع أخرى. وجاءت تعليقات الجمهور بأكثر من 72 ألف تعليق. وقد وضع أكثر من 20 ألف مشاهد الفديو في مفضلته. فقط 3 ألاف مشاهد عبر عن استيائه عن هذا المشهد.. مايثير الاهتمام أن إحصائية المشاهدة التي وضعتها يوتيوب لهذا الفديو أن أكثر من شاهده هم من أمريكا نفسها ثم بريطانيا وألمانيا وروسيا وكندا وأستراليا ثم الدول العربية وأكثر الدول العربية مشاهدة لهذا الفديو هم العراق والسعودية.
وخلاصة القول أن مواقع الانترنت وشبكات الاعلام المجتمعي الحديثة لم تصبح مهددة فقط للدول الاستبدادية والشمولية وإنما أيضا مهددة لمصالح الدول الكبرى. وما التبعات التي استهدفت موقع ويكي ليكس إلا دليل على أهمية وقوة الاعلام الحديث في تغيير موازين القوى وأن ويكي ليكس لا يعتبر موقعاً سياسياً فقط وإنما هو عبارة عن مقاومة إلكترونية هدفها مقاومة المحتل إلكترونيا ونشر الحقائق والتعبير عن الرفض للحرب من خلال نشر المعلومة والحقيقة.. فالمعركة الحقيقية الان تحولت إلى الانترنت فلا حاجة لمصادر المعلومات أو للسبق الصحفي. بإمكان الفرد أن يصور ويسجل ويوثق وينشر كل ذلك المحتوى عبر الانترنت وشبكات الاعلام المجتمعية الحديثة.
وكما أن الامبراطوريات تحاول إخفاء الحقيقة وتحويلها إلى أسطورة.. فإن الحكومات الديمقراطية أيضا تحاول إغفال المواطنين بإعطائهم جرعة من الحقيقة وتجاهل الحقيقة الكاملة والهائهم بالقضايا الداخلية لتجاهل القضايا الخارجية وتبقى الحقيقة والمعلومة سلاح ليس للتأثير فقط وإنما أيضا للمقاومة.. فكلما ازدادت المعلومات كلما ازدادت القناعة بأهمية المقاومة في صناعة المعلومة والاحتفاظ بالحقيقة مهما طال الزمن.
رابط المقال الممتع : http://www.almokhtsar.com/news.php?action=show&id=139579
مقالة تستحق القراءة
كتب أنس الأحمد :
حينما تكون المعلومة عنصر تهديد للمجتمعات الديمقراطية أيضا
بدأ مفهوم المقاومة والنضال الالكتروني يتشكل ويتمدد ــ مؤخراً ــ ليأخذ مفهوماً عملياً جديداً تتحوّل المجتمعات ــ بموجبه ــ إلى مجتمعات معلوماتية.. فبفضل الانترنت وشبكات الاعلام المجتمعي الحديث تحولت المعلومة إلى عنصر فعال ومؤثر بل أحيانا مهدد.. ذلك أن المعلومة أهم سلاح من أسلحة المقاومة الالكترونية ذلك أن نشرها بين المجتمع الغير معلوماتي ونشر الحقائق يأخذ بعدا آخر ليس في صالح المجتمعات التي تفضل الكتمان والسرية.. وهذه السرية هو من أسس استراتيجيات الدول الشمولية والمركزية حيث نشر المعلومة وتبادلها بين الناس يعد أمرا محرما من الناحية السياسية لأن تلك المعلومات تؤدي إلى إيقاظ وإلى وعي الناس بأهمية التحرك نحو المطالبة بالحقوق وبالمسائلة وتحويل المجتمع إلى مجتمع معلوماتي ومعرفي.. ومن أهم خصائص نشر المعلومات بين أفراد المجتمع هو الرقابة والمحاسبة.. وتتحول القرارت السياسية من مجرد رأي فردي إلى رأي جماعي نظرا للضغوطات الالكترونية المباشرة والغير مباشرة ونظرا لوجود خاصية التفاعل والتساؤل وكشف الحقائق.
وعلى الرغم من (ينبغي أن يكون في هذه الجملة "على الرغم من" استدراك :أين جواب هذا الاستدراك؟) أهمية المعلومة في التغيير الاجتماعي والسياسي للمجتمعات الغير ديمقراطية نظرا لأن المجتمعات الديمقراطية لديها إعلام حر يؤثرعلى القرار السياسي بينما في المجتمعات الغير ديمقراطية كحال دولنا العربية فإن شبكات الاعلام الحديث تقوم بعمل جوهري في عملية "البديل الديمقراطي" ذلك أن عنصر انتشار المعلومة وتوزيعها على نطاق اجتماعي واسع والبدء بمحاسبة المسؤول هي من أهم خصائص المجتمع الديمقراطي.. وبدلا من أن يقوم الشعب بتقييم الحكومة بوسائل الاعلام التقليدية يلجأ المجتمع الغير ديمقراطي لشبكات الاعلام الحديث لايصال صوته والمطالبة بالاصلاح وأحيانا الوقوف ضد القرارات التعسفية بما يحدث ردة فعل اجتماعية قد لا تتلائم واستراتيجيات الحكومات الشمولية التي من طبيعتها عدم الاكتراث للمطالبات الشعبية أو المشاركة السياسية.
ويعتبر هذا النوع من المقاومة الاشد فتكا والاكثر أثرا على الجانب السياسي والاجتماعي.. فعلى الجانب السياسي فإن من أهم خصائص المقاومة الالكترونية.. نبذ العنف.. والمطالبة بالعدالة والمحاسبة والشفافية. وعلى الجانب الاجتماعي.. فإن تشكيل هذا المفهوم يشجع على بناء "الاتحاد الجمعي" الذي يركز على العمل المؤسساتي ويدخل ضمن منظومة المجتمع الاهلي المدني الالكتروني.. وبالتالي تشكيل قوة ضغط للحكومة.. وهذا الضغط لا يعني المعارضة السياسية بأكثر مايعني تشكيل وعي ورأي شعبي حر ومستقل عن القرار الحكومي.. وبالتالي تحول المجتمع من مجتمع استبدادي قمعي يغلب عليه الفكر الاوحد إلى مجتمع ديمقراطي ــ ربما من دون أن يشعرــ حيث التعددية الفكرية والثقافية وكذلك السياسية والتي تساهم في تشكيل الرأي العام وتأسيس مبدأ المشاركة الاجتماعية والسياسية واتخاذ المواقف المناهضة للقرارات الحكومية.. ومن طبيعة هذه الخصائص أن تكون القوة الالكترونية عاملاً من عوامل الضغط السياسي وتشكيل يمكن أن يمثل مقاومة إلكترونية مناهضة.
لكن أهم مايميز المقاومة الالكترونية هو نبذها للعنف, استقلاليتها عن الحكومات وعن الانظمة الرسمية وشبه الرسمية.. وتصديها للقرارات الحكومية الارتجالية التي لاتخدم الصالح العام. والاهتمام بالعدالة والمساواة أمام القانون وإيجاد الشفافية للمجتمع. ومن أهم ركائز المقاومة الاكترونية اعتمادها على توجيه الرسائل والاصرار على الموقف طالما أن هذا الموقف أو المبدأ من الحقوق الانسانية. إن استراتيجية المقاومة الالكترونية هي أفضل حل للضغط الشعبي وللقوة السياسية معا واعتمادها على الحقيقة بغض النظر عن الاثار المترتبة على نشر هذه الحقائق.. وماحدث مع موقع ويكي ليكس خير مثال لذلك.. فالموقع لا ينبذ العنف بل يكشف عن حالات العنف هذه وعن عمليات القتل الوحشي وآليات وأساليب التعذيب التي استخدمت.
وتمثل المقاومة الالكترونية أحد عناصر شبكات الاعلام المجتمعي الحديث وعلى الرغم من أن شبكات الاعلام الحديثة أصبحت سلاحاً يهدد الحكومات الشمولية والأنظمة القمعية، إلا أن قوة الاعلام الحديث تحولت من أداة معلوماتية إلى سلاح تهديد ليس فقط للمجتمعات أو الدول وإنما للأفراد أيضاً.. بل الأكثر من ذلك أنها أصبحت سلاح تهديد للدول الديمقراطية نفسها !.. فهذا السلاح المعلوماتي الجديد في عصر ثورة الانترنت لم يعد سلاح تهديد للمجتمعات الغير ديمقراطية وإنما أيضا وصل هذا التهديد إلى المجتمعات الديمقراطية التي تتخذ من قضية الأمن القومي ذريعة للاحتكار المعلوماتي والفحص الرقابي للمعلومة بل أحيانا منع تناول المعلومات ونشرها نظرا لحساسيتها وقوتها في تشكيل الرأي العام ودورها في التوجيه السياسي.
ذلك أن المعلومة في عصر مجتمع الاعلام والشبكات الحديثة تخرج من غير استئذان أو رقابة. ونشر المعلومة لا يتم من خلال رقيب أو يمر عبر بوابة فحص قبل النشر.. وإنما بشكل مباشر منذ صناعة المعلومة إلى نشرها دون المرور بأي طريق ثالث أو تحويلها أو تحريف مسارها.. ذلك أن نشر المعلومات أصبحت مهمة يصعب التحكم فيها وبإمكان الجميع معرفة مايجري ومايحدث من دون قيود أو ترخيص.
وعلى الرغم من ثورة الاعلام الحديث والشبكات الاجتماعية التي تعطي الشعب خاصية التفاعل وتحويل الفرد إلى عضو في منظمة إجتماعية فاعلة، إلا أن الفكرة المؤثرة الأخرى وراء شبكات الاعلام الحديث هي تحولها إلى سلاح ضد القوة السياسية ومصدر معلومات للصحافة وللمجتمع وبالتالي فإن شبكات الاعلام الحديث غيرت وربما ساهمت في تغيير الوجه التقليدي للصحافة ودور الاعلام لأن هذه التقنية الحديثة هي عبارة عن عربة لنقل المعلومات حول العالم. في هذه المقالة لن أسهب في موضوع شبكات المجتمع الاعلامية الحديثة وإنما في كيفية تحول هذا الوسيط إلى عنصر شفاف للمعلومة للعامة وللمجتمع على حد سواء بعد أن كانت المعلومات محتكرة إلى جهة معينة أو مؤسسة تحولت الآن إلى الجميع وأصبح الكل لديه القدرة في معرفة الحقائق وهذا بالتحديد ماحدث مع موقع ويكي ليكس الشهير.
ويكي ليكس الذي لم يكمل عامه الرابع بعد, أثار موجة من الاهتمام لدى خبراء الصحافة حيث أن الموقع بتشكيلته الفريدة هذه وعمله المميز في نشر المعلومات "السرية" لم يغير من وجه الصحافة التقليدية أو حتى الحديثة فقط وإنما أيضا في تغيير فكرة الصحافة بشكل عام حيث في هذا الموقع يتحقق مفهوم الصحفي العالمي أوالمواطن الصحفي وكلها مصطلحات حديثة إرتبطت بعنصر المعلومة وبتوقيقها من الجانب الصحفي ومن ثم صياغتها ونشرها على المستوى الأفقي والعامودي. ويكي ليكس ليس له موقع محدد أو مركز معروف وإنما تجده في كل مكان.. أما الصحفيون فهم من كل أنحاء العالم ووظيفتهم البحث عن المعلومة ونشرها بين الناس.
وماحدث من نشر أكثر من 400 ألف وثيقة سرية أمريكية عن حرب العراق يعتبر الاكبر في تاريخ هذا الموقع الذي لم يتجاوز الاربع سنوات من عمره لأنه بنى على المصداقية والسمعة المهنية العالية. مايثير القوة في هذه التقارير هي فلسفة الارقام والاعداد التي وضعها الموقع.. فكل التقارير هي عبارة عن أرقام عددية لحالات تم رصدها واقعيا وبغض النظر عما ذكر في هذه التقارير والصور المخزية التي حملتها هذه الوثائق إلا أن نشر الموقع لهذه المستندات بالصورة العددية هي أكثر أثرا وتأثيرا في العملية الاعلامية.
وكما جاء في التقرير فإنّ مئات المدنيين العراقيين قتلوا على حواجز التفتيش التي أقامتها القوات الأميركية في أعقاب غزو العراق عام 2003. أكثر من 109 ألف مواطن عراقي قتلوا في الفترة بين 2004 و2009، بمن فيهم 66081 مدنيا، و23984 ممن يوصفون بالأعداء (المقاومة)، و15196 من أفراد قوات الأمن العراقية، و3771 من جنود التحالف.عدد القتلى في العراق منذ العام 2003 يفوق 150 ألفا، منهم 122 ألفا (80%) من المدنيين.
وعلى الرغم من نشر الموقع ــ في فترات سابقة ــ وثائق سرية أخرى عن حرب أفغانستان إلا أن الوثائق الجديدة هذه تعد الأكبر والأكثر من نوعها وتدل على وجود خرق أمني كبير في التاريخ العسكري للولايات المتحدة الأمريكية, وهذا ماجعل السياسيين يتخذون موقفاً موحداً من الموقع ويصرون على "التشكيك" في هذه المعلومات. وما يثير السخرية أن بعض السياسيين يتعامل مع هذه الشبكات الاجتماعية وكأنها عملية روتينية.. ومن ذلك ماقاله أحد السياسيين العراقيين بل وماقاله رئيس الوزراء المالكي نفسه أن ويكيليكس يفتقد المصداقية وأن مثل هذه البيانات بحاجة إلى التثبت ممايعني أن هؤلاء لم يطلعوا أصلا على الوثائق وإن أطلعوا عليها فإن هذه التصريحات تدل على عدم إدراك هؤلاء الساسة لهذه المعلومات وسلاحها القوي.. وزير الدفاع الأمريكي ذكر أن أصحاب الموقع "لديهم دماء في ايديهم" والسي اي ايه ذكر ان نشر هذه المعلومات يساهم في العنف وربما في القتل. وقبلهم قالت وزيرة الخارجية الامريكية أن هذا الموقع يساهم في تعرض الجنود للخطر, وتعرض الجنود للخطر موضوع ليس له علاقة بالتسريبات فمن ذهب إلى الحرب فهو متعرض إلى الخطر طالما أنه في الميدان, وبالتالي فالذي تناول الموضوع لاعلى اعتبار أنه حرية تعبير وإنما أن ذلك يهدد الامن القومي.. وقبل ذلك أو بعده فإن مثل هذه التصريحات تدل على جهل أو تجاهل لقوة الاعلام الحديث والشبكات الاجتماعية في تغيير بوصلة القوة.كذلك فقد وجهت الولايات المتحدة الحكومات الاوربية لتجريم المؤسس للموقع جوليان آسانغ لأنه ــ هو وموقعه ــ أداة لتهديد الامن القومي.
فالذي اثار الامتعاض أن هذه المعلومات أصبحت في متناول الجميع.. وأن أسرار الحرب لم تعد أسراراً كما مضى.. بل تحولت هذه المعلومات إلى سلاح وأداة ومصدر تهديد وإزعاج، حتى على مستوى الحكومات الديمقراطية.. فليس كل المعلومات للنشر كما في نظرية المسؤولية الاجتماعية والرقابة الذاتية.. لكن مع الاعلام الحديث.. فإن المسؤولية الاجتماعية هو في أن يتعرف المجتمع على ما يجري ومايحدث في العالم الخارجي.. لا أن يتم فرض الوصاية على المجتمع.. وبغض النظر عمن ساعد في نشر الوثائق سواءا كانت وكالة الاستخبارات العامة السي اي ايه أو وزارة الدفاع الأمريكية.. فإن المعلومات تعتبر بحد ذاتها سلاحاً وهذه المعلومات ساهمت في إيقاظ وعي الشعب الامريكي ــ قبل الشعوب الأخرى ــ حول حقيقة الحرب وماجرى فيها .
وعن فكرة هذه الوثائق فإنّ المتحدث الرسمي باسم الموقع جوليان أسانغ ذكر أن الصور التي تظهرها الوثائق للأحداث التي تقع يوميا في العراق تعطي فكرة عن الحجم الإنساني للمآسي التي تسببت بها حرب العراق. وأن معظم حالات القتل التي تكشف عنها الوثائق الأميركية السرية تتعلق بحوادث قتل فيها شخص واحد أو شخصان و أن هناك 15 ألف حادث قتل تعرض لها مدنيون لا تعرف هوياتهم حتى الآن. وأشار إلى أنّ ضحية الحرب الأولى هي الحقيقة وهذا هو الهدف الرئيسي من الموقع. كما أن الموقع يهدف إلى حماية الأبرياء وعلى حق الشعوب في التعرف على مايجري في الحروب وأن يفهم الناس أن الضحية من هذه الحروب غالبا الابرياء. وكما قال جوليان فإن ويكي ليكس خرج حينما لم يقم الاعلام التقليدي السائد بدوره الفاعل حتى في المجتمعات الديمقراطية بإخراج المواد الإعلاميّة التي حجبت بواسطة الساسة ولذلك فإن الموقع يتميز بهذه الخاصية فيقوم بتعويض هذا الفشل في الإعلام من خلال إخراج المواد السرية الحساسة التي يحتاجها الناس لكي تكون مجتمعاتهم تسودها المعلومات والمعرفة.
الموقع منذ أن أسس أثار زوبعة وكثير من الجدل على جميع المستويات السياسية والعسكرية والأمنية وأصبح الجميع مهدد من خلال نشر هذه المعلومة وهو من أشد مواقع الشبكات الاجتماعية أثرا وتأثيرا في العملية السياسية ذلك أن ويكي ليكس عبارة عن مؤسسة وليس فرد أو مجموعة أفراد فعلى حسب الموقع نفسه هناك أكثر من 23 ألف مستخدم للموقع يقومون بتحميل المواد الصحفية تزامنيا. هي منظمة تعمل على مقياس عالمي لديها أكثر من ألف ومائتين متطوع مابين مدقق للبيانات وموثق ومابين مبرمج وقانونيون ومستشارين. لكن هناك 30 موظف متفرغ للموقع و800 شخص يعملون مابين بشكل جزئي، وبالتالي هناك قرابة عشرة ألاف متطوع في الموقع. عدد البيانات والمعلومات الموجودة في الموقع وصلت قرابة المليون ومائتين ألف وثيقة من 13 دولة وبالتالي فإن مؤسسة ويكي ليكس ليست متعلقة بشخص حتى يتم اعتقاله كما في المدونات ولا بدولة محددة حتى يتم انزال العقوبات عليها وإنما مؤسسة أخطبوطية متفرعة في جميع أنحاء العالم من موظفين في البنتاغون "ربما" إلى صاحب محل كمبيوتر في بكين. كل هؤلاء المشاركين لم يتم التعرف عليهم أو القبض على أحد منهم نظرا للمهارة الاحترافية العالية في نشر المعلومة واتباع طريقة مهنية خاصة. يتلقون الدعم من خلال الجمهور ومن الصحفيين والناشطين في حقوق الإنسان, من جهة بلغ أقصىوعلى حد الموقع التبرعات ثلاثون ألف دولار, كما وأن معدل التبرعات هو من خمسين إلى مائتي دولار.
وقد ساهم الموقع في تغيير ثلاث حكومات الحكومة الكينية ورئيس وزراء تنزانيا واستقالة وزير الدفاع في الدنمارك وأثر أيضا على الانتخابات في الولايات المتحدة الأميركية من خلال تقرير عن سجن. وقام الموقع بفضح أو نشر انتهاكات خطيرة كانت في أكثر من مائة دولة. كما قام الموقع بفضح حالات فساد بما قيمته أكثر من خمسة مليارات دولار من الأموال التي كان يسودها الفساد (!!) لذلك من الممكن القول أن شبكات الاعلام المجتمعي الحديث تساهم في الوعي وفي تشكيل الرأي العام. وبالتالي فإن ويكي ليكس لا يهدف فقط إلى نشر الحقائق وإنما أيضا المشاركة في جمع المعلومات التي دائما ماتكون مخفية عن الناس ونشر ما يصعب نشره عن طريق الاعلام التقليدي كما وصف نفسه بأنه تسريب معلوماتي لاوجود للرقابة فيه. وعلى الرغم من ذلك فإنّ الموقع يتم اختراقه بين فترة وأخرى وقد تلقى الموقع ضغوطات من الولايات المتحدة وتم تجميد الحساب المالي للموقع.
نشر الموقع في أبريل الماضي فديو بعنوان " القتل المضمون" أوCollateral Murder وصل عدد مشاهدي الفديو أكثر من 7 ملايين و500 ألف شخص بنسخة ويكي ليكس هذا من غير حساب مشاهدة من قنوات أخرى في الموقع نفسه أو مواقع أخرى. وجاءت تعليقات الجمهور بأكثر من 72 ألف تعليق. وقد وضع أكثر من 20 ألف مشاهد الفديو في مفضلته. فقط 3 ألاف مشاهد عبر عن استيائه عن هذا المشهد.. مايثير الاهتمام أن إحصائية المشاهدة التي وضعتها يوتيوب لهذا الفديو أن أكثر من شاهده هم من أمريكا نفسها ثم بريطانيا وألمانيا وروسيا وكندا وأستراليا ثم الدول العربية وأكثر الدول العربية مشاهدة لهذا الفديو هم العراق والسعودية.
وخلاصة القول أن مواقع الانترنت وشبكات الاعلام المجتمعي الحديثة لم تصبح مهددة فقط للدول الاستبدادية والشمولية وإنما أيضا مهددة لمصالح الدول الكبرى. وما التبعات التي استهدفت موقع ويكي ليكس إلا دليل على أهمية وقوة الاعلام الحديث في تغيير موازين القوى وأن ويكي ليكس لا يعتبر موقعاً سياسياً فقط وإنما هو عبارة عن مقاومة إلكترونية هدفها مقاومة المحتل إلكترونيا ونشر الحقائق والتعبير عن الرفض للحرب من خلال نشر المعلومة والحقيقة.. فالمعركة الحقيقية الان تحولت إلى الانترنت فلا حاجة لمصادر المعلومات أو للسبق الصحفي. بإمكان الفرد أن يصور ويسجل ويوثق وينشر كل ذلك المحتوى عبر الانترنت وشبكات الاعلام المجتمعية الحديثة.
وكما أن الامبراطوريات تحاول إخفاء الحقيقة وتحويلها إلى أسطورة.. فإن الحكومات الديمقراطية أيضا تحاول إغفال المواطنين بإعطائهم جرعة من الحقيقة وتجاهل الحقيقة الكاملة والهائهم بالقضايا الداخلية لتجاهل القضايا الخارجية وتبقى الحقيقة والمعلومة سلاح ليس للتأثير فقط وإنما أيضا للمقاومة.. فكلما ازدادت المعلومات كلما ازدادت القناعة بأهمية المقاومة في صناعة المعلومة والاحتفاظ بالحقيقة مهما طال الزمن.
رابط المقال الممتع : http://www.almokhtsar.com/news.php?action=show&id=139579
» اقتراحات ونقاشات
» أسئلة امتحانات للسنوات 2012 وما بعد
» أسئلة سنوات سابقة
» النظم السياسية
» اسئلة الدورات
» السؤال عن برنامج الامتحانات لسنة 2015
» يتبع موضوع المسلمون بين تغيير المنكر وبين الصراع على السلطة
» المسلمون بين تغيير المنكر والصراع على السلطة
» ما هو المطلوب و المقرر للغة العربية 2
» طلب عاجل : مذكرة الاسلام والغرب ( نحن خارج سوريا)
» مساعدة بالمكتبة الاسلامية
» هنا تجدون أسئلة الدورات السابقة لمادة الجهاد الإسلامي
» للسنة الثالثه __اصول الفقه الأسلامي3 )) رقم 2
» محركات مواقع البحث عن الكتب والرسائل الجامعية