تقدم بيان أن الحكومات العربية تعتبر شرعية حسبما يراه فقهاء المذاهب الأربعة ، كما تقدم الحديث عن أن المجتمعات العربية تنتشر فيها المنكرات والمعاصي ، سواء من عامة المواطنين أو من كبار أو صغار المسؤولين .
بيد أن ما يلفت الانتباه في هذا الشأن أن العاملين فيما يعرف بتيار الإسلام السياسي يهتم بأمر واحد فقط ، وهو التذكير بأن الأنظمة الحالية لم تصل للحكم بطريق الانتخابات الحرة ، وبالتالي فإنها فاقدة للشرعية ، وحيث إنها كذلك فيجب إقصاؤها ولو بالقوة المسلحة ، وهكذا فإنه عندما برقت بوارق الأمل في نجاح اقصائها تنادوا ممسين ومصبحين أن اغتنموا هذه الظروف لتتولوا مقاليد الأمور في مختلف الأقطار ، فحي على الجهاد لإقامة دين الله ، ونشر العدالة والمساواة ، .... ولقد نجحوا في ذلك في ليبيا تحديدا ، وتمت الإطاحة بالنظام السابق ، وما زالوا يجاهدون !! في سوريا لعلهم يفلحون !! فأين هذا من الدين ؟ بعيدا عن اتباع الهوى والمزايدات الكلامية لعلماء التيارات السياسية الإسلامية من سلفيين ، وإخوانيين ، وغيرهم .
إنه في ضوء ما ذكرنا من انتشار للمنكرات ليس أمام أي مسلم يريد التغيير إلا أن يلتزم بالأدلة الشرعية في تخليص مجتمعاتنا من كافة المعاصي والآثام ، سواء نجح الدعاة في ذلك أم أخفقوا ، فكل ما هم مأمورون به أن يحاولوا التغيير ، مع التنبه لضرورة الابتعاد عن كل ما من شأنه أن يسفر عن إراقة الدماء ، أو يفضي إلى انبعاث الأحقاد والضغائن ، فهذا سيدنا موسى عندما استخلف أخاه هرون وأمره بالإصلاح ، نهاه عن اتباع طرق الفساد بزعم الإصلاح ، يقول الله سبحانه : " وَقَالَ مُوسَى لِأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ " سورة الأعراف (142) فعلى كل من يريد إصلاح أي مجتمع أن يحذر من اتباع سبل المفسدين ، من المغامرة بالقيام بأعمال محرمة شرعا ، وعلى رأسها إراقة الدماء والفتن التي يحتمل أن تحل بهذا المجتمع أو ذاك ؛ وهكذا ، فإن أنبياء الله عندما يرون انحرافا في مجتمعهم عما كانوا عليه حين كان رسولهم حيا يعيش بينهم ، لم يكونوا يستعملون القوة لإجبار الناس على التمسك بما كانوا عليه ، بل ينهونهم ، فإن لم ينتهوا فأمرهم إلى الله سبحانه وتعالى ، وليس إلى أولئك الأنبياء .
إلا أن بعض أنصار الإسلام السياسي لكي يبرروا سلوكهم في استعمال القوة لقلب الأنظمة يحدثونك بأن الأمر اليوم قد تجاوز كل المعاصي ، الصغائر والكبائر ، إلى حد الكفر ، فيضيفون جريمة أخرى بفكرهم الساذج هذا ، إلى جريمة الدعوة إلى إراقة دماء المسلمين ، لكأنما أعطاهم الدين الحق في تكفير المسلمين ، والمجتمعات كافة .
ألا إن الصواب أن الخلل والشلل الذي أصاب أمتنا لا يسوغ الانفلات من الأدلة الشرعية ، ولا من القواعد الفقهية ، والواجب على من لديه رغبة في الالتزام بتعاليم الإسلام ، وهو مهموم بما يراه من أوضاع مزرية أن يتقيد بمبادئ النهي عن المنكر ، فإن لم يبال بها فسيظل هو ضمن المنحرفين عن الدين ، ولن تغني عنه عاطفته الدينية الجياشة التي تدفعه إلى عدم المبالاة بالأدلة والقواعد . وعليه فالواجب على المسلم العادي ( غير المسيس ) أن يحرص على النهي عن المنكر بقدر المستطاع ، وأن لا يلهث وراء المناصب ، كما يفعل مؤسسو الحركات الإسلامية وأنصارهم .
الجمعة أبريل 28, 2023 12:51 pm من طرف ALASFOOR
» اقتراحات ونقاشات
الخميس أغسطس 06, 2015 12:58 am من طرف Ranin habra
» أسئلة امتحانات للسنوات 2012 وما بعد
الخميس يوليو 30, 2015 2:17 pm من طرف محمد أحمد الحاج قاسم
» أسئلة سنوات سابقة
الجمعة يوليو 03, 2015 6:20 pm من طرف مهاجرة سورية
» النظم السياسية
الأربعاء يونيو 24, 2015 5:33 pm من طرف مهاجرة سورية
» اسئلة الدورات
الأربعاء مايو 27, 2015 7:17 pm من طرف بلقيس
» السؤال عن برنامج الامتحانات لسنة 2015
الثلاثاء مايو 19, 2015 3:41 am من طرف Abu anas
» يتبع موضوع المسلمون بين تغيير المنكر وبين الصراع على السلطة
الإثنين مايو 04, 2015 5:01 pm من طرف حسن
» المسلمون بين تغيير المنكر والصراع على السلطة
الأحد مايو 03, 2015 1:42 pm من طرف حسن
» ما هو المطلوب و المقرر للغة العربية 2
الثلاثاء أبريل 21, 2015 7:47 am من طرف أم البراء
» طلب عاجل : مذكرة الاسلام والغرب ( نحن خارج سوريا)
السبت مارس 14, 2015 3:50 pm من طرف feras odah
» مساعدة بالمكتبة الاسلامية
الخميس فبراير 26, 2015 2:32 pm من طرف ام الحسن
» هنا تجدون أسئلة الدورات السابقة لمادة الجهاد الإسلامي
الجمعة فبراير 20, 2015 8:55 pm من طرف راما جديد
» للسنة الثالثه __اصول الفقه الأسلامي3 )) رقم 2
الخميس فبراير 12, 2015 1:16 am من طرف Amir Antap
» محركات مواقع البحث عن الكتب والرسائل الجامعية
الأحد فبراير 08, 2015 11:20 pm من طرف Amir Antap