في
عهد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش وضع البيت الأبيض نفسه بين خيارين في
الشرق الأوسط: الاستقرار من خلال دعم الأنظمة الحاكمة، أو التغيير من خلال
الحروب والفوضى الخلاقة، ولو اضطر ذلك الولايات المتحدة إلى التخلي عن
أصدقائها. جربت الخيار الثاني. فشلت في لبنان. لم تستطع
نقل الفوضى إلى سورية، أو إيران، على ما كانت ترغب. فشلت في مصر، على رغم
الضغوط الشديدة على الحكم. اصطدمت بالتفاف العرب حول أنظمتهم. اكتشفت
متأخرة أن كره الشعوب للاحتلال والحروب، بعد تجربة العراق، يفوق توقها إلى
الديموقراطية الغارقة في الدماء. تراجعت وعادت إلى التعاون مع الأنظمة
الصديقة لـ «كسب العقول والقلوب». هادنت «محور الشر»، تمهيداً للانسحاب من
العراق.
إدارة
الرئيس باراك أوباما فوجئت بأن مطالبة الشعوب بالإصلاح والديموقراطية
والمشاركة في الحكم ليست في حاجة إلى تحريضها. الشعوب تكرهها أكثر مما
تكره أنظمتها. بعد تأكدها من فشل سياساتها ومن عجزها عن التأثير في
الانتفاضة التونسية تخلت عن الرئيس زين العابدين بن علي. أعلنت وقوفها إلى
جانب الثورة، آملة بأن يكون لها دور في تشكيل النظام الجديد، بالتعاون مع
فرنسا.
مثلما
حاولت الالتحاق بالتغيير في تونس، من دون أدنى مؤشر إلى نجاحها في ذلك، ها
هي الولايات المتحدة تحاول اللحاق بالتطورات في مصر، غير آبهة بمصير
حليفها. أعرب أوباما عن تعاطفه مع المتظاهرين، داعياً الرئيس حسني مبارك
«المتعاون جداً (مع واشنطن) في سلسلة من القضايا الصعبة» إلى «إجراء
إصلاحات سياسية واقتصادية مهمة للغاية».
وكانت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون سبقت رئيسها عندما أرسلت نائبها جيفري فيلتمان إلى تونس للتضامن مع الثورة.
واشنطن
مطمئنة إلى أن التغيير في العالم العربي لن يؤثر في مصالحها فالمنتفضون لا
يأخذون على الأنظمة أخطاءها في السياسة الخارجية. ولا يرفعون شعارات
معادية لها أو لإسرائيل. والأحزاب الإسلامية ليس لها أي تأثير في مجرى
الأحداث، وإيران بعيدة عن كل ما يجرى. مطالب المتظاهرين في مصر وتونس ما
زالت، حتى الآن، مقتصرة على الحريات الاجتماعية والإصلاح الاقتصادي
ومحاسبة الفاسدين. لكن لا بد من أن يؤدي هذا التحول إلى تغيير في السياسات
الخارجية لن يكون في مصلحة الولايات المتحدة، حتى لو لم يشهر المتظاهرون
العداء لها، فطالما ربطت الأنظمة المتهاوية بين علاقاتها مع واشنطن (والسلام
مع إسرائيل) والازدهار الاقتصادي. وطالما أخافت الغرب من وصول الإسلاميين
إلى الحكم، ومن الإرهاب، ومن سعي إيران إلى قلب الأوضاع، ليتبين أن الخطر
عليها قائم في صلب بنيتها. وفي توجهاتها المتماهية مع توجهات الولايات
المتحدة الاقتصادية والسياسية.
لم
يعد النظامان التونسي والمصري قادرين على تغطية الفساد وقمع الحريات
والتزوير ولا على مواجهة الثورة، فتخلت عنهما واشنطن، آسفة على
«المتعاونين في القضايا الصعبة»، ومتطلعة إلى إقامة صداقات جديدة، لكنها
لا تعرف حتى الآن من أين تبدأ.
المصدر: الحياة
عهد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش وضع البيت الأبيض نفسه بين خيارين في
الشرق الأوسط: الاستقرار من خلال دعم الأنظمة الحاكمة، أو التغيير من خلال
الحروب والفوضى الخلاقة، ولو اضطر ذلك الولايات المتحدة إلى التخلي عن
أصدقائها. جربت الخيار الثاني. فشلت في لبنان. لم تستطع
نقل الفوضى إلى سورية، أو إيران، على ما كانت ترغب. فشلت في مصر، على رغم
الضغوط الشديدة على الحكم. اصطدمت بالتفاف العرب حول أنظمتهم. اكتشفت
متأخرة أن كره الشعوب للاحتلال والحروب، بعد تجربة العراق، يفوق توقها إلى
الديموقراطية الغارقة في الدماء. تراجعت وعادت إلى التعاون مع الأنظمة
الصديقة لـ «كسب العقول والقلوب». هادنت «محور الشر»، تمهيداً للانسحاب من
العراق.
إدارة
الرئيس باراك أوباما فوجئت بأن مطالبة الشعوب بالإصلاح والديموقراطية
والمشاركة في الحكم ليست في حاجة إلى تحريضها. الشعوب تكرهها أكثر مما
تكره أنظمتها. بعد تأكدها من فشل سياساتها ومن عجزها عن التأثير في
الانتفاضة التونسية تخلت عن الرئيس زين العابدين بن علي. أعلنت وقوفها إلى
جانب الثورة، آملة بأن يكون لها دور في تشكيل النظام الجديد، بالتعاون مع
فرنسا.
مثلما
حاولت الالتحاق بالتغيير في تونس، من دون أدنى مؤشر إلى نجاحها في ذلك، ها
هي الولايات المتحدة تحاول اللحاق بالتطورات في مصر، غير آبهة بمصير
حليفها. أعرب أوباما عن تعاطفه مع المتظاهرين، داعياً الرئيس حسني مبارك
«المتعاون جداً (مع واشنطن) في سلسلة من القضايا الصعبة» إلى «إجراء
إصلاحات سياسية واقتصادية مهمة للغاية».
وكانت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون سبقت رئيسها عندما أرسلت نائبها جيفري فيلتمان إلى تونس للتضامن مع الثورة.
واشنطن
مطمئنة إلى أن التغيير في العالم العربي لن يؤثر في مصالحها فالمنتفضون لا
يأخذون على الأنظمة أخطاءها في السياسة الخارجية. ولا يرفعون شعارات
معادية لها أو لإسرائيل. والأحزاب الإسلامية ليس لها أي تأثير في مجرى
الأحداث، وإيران بعيدة عن كل ما يجرى. مطالب المتظاهرين في مصر وتونس ما
زالت، حتى الآن، مقتصرة على الحريات الاجتماعية والإصلاح الاقتصادي
ومحاسبة الفاسدين. لكن لا بد من أن يؤدي هذا التحول إلى تغيير في السياسات
الخارجية لن يكون في مصلحة الولايات المتحدة، حتى لو لم يشهر المتظاهرون
العداء لها، فطالما ربطت الأنظمة المتهاوية بين علاقاتها مع واشنطن (والسلام
مع إسرائيل) والازدهار الاقتصادي. وطالما أخافت الغرب من وصول الإسلاميين
إلى الحكم، ومن الإرهاب، ومن سعي إيران إلى قلب الأوضاع، ليتبين أن الخطر
عليها قائم في صلب بنيتها. وفي توجهاتها المتماهية مع توجهات الولايات
المتحدة الاقتصادية والسياسية.
لم
يعد النظامان التونسي والمصري قادرين على تغطية الفساد وقمع الحريات
والتزوير ولا على مواجهة الثورة، فتخلت عنهما واشنطن، آسفة على
«المتعاونين في القضايا الصعبة»، ومتطلعة إلى إقامة صداقات جديدة، لكنها
لا تعرف حتى الآن من أين تبدأ.
المصدر: الحياة
الجمعة أبريل 28, 2023 12:51 pm من طرف ALASFOOR
» اقتراحات ونقاشات
الخميس أغسطس 06, 2015 12:58 am من طرف Ranin habra
» أسئلة امتحانات للسنوات 2012 وما بعد
الخميس يوليو 30, 2015 2:17 pm من طرف محمد أحمد الحاج قاسم
» أسئلة سنوات سابقة
الجمعة يوليو 03, 2015 6:20 pm من طرف مهاجرة سورية
» النظم السياسية
الأربعاء يونيو 24, 2015 5:33 pm من طرف مهاجرة سورية
» اسئلة الدورات
الأربعاء مايو 27, 2015 7:17 pm من طرف بلقيس
» السؤال عن برنامج الامتحانات لسنة 2015
الثلاثاء مايو 19, 2015 3:41 am من طرف Abu anas
» يتبع موضوع المسلمون بين تغيير المنكر وبين الصراع على السلطة
الإثنين مايو 04, 2015 5:01 pm من طرف حسن
» المسلمون بين تغيير المنكر والصراع على السلطة
الأحد مايو 03, 2015 1:42 pm من طرف حسن
» ما هو المطلوب و المقرر للغة العربية 2
الثلاثاء أبريل 21, 2015 7:47 am من طرف أم البراء
» طلب عاجل : مذكرة الاسلام والغرب ( نحن خارج سوريا)
السبت مارس 14, 2015 3:50 pm من طرف feras odah
» مساعدة بالمكتبة الاسلامية
الخميس فبراير 26, 2015 2:32 pm من طرف ام الحسن
» هنا تجدون أسئلة الدورات السابقة لمادة الجهاد الإسلامي
الجمعة فبراير 20, 2015 8:55 pm من طرف راما جديد
» للسنة الثالثه __اصول الفقه الأسلامي3 )) رقم 2
الخميس فبراير 12, 2015 1:16 am من طرف Amir Antap
» محركات مواقع البحث عن الكتب والرسائل الجامعية
الأحد فبراير 08, 2015 11:20 pm من طرف Amir Antap